قال الله تعالى: "أَفِي اللهِ شَكٌّ" (سورة إبراهيم)
إن أول واجب على المكلف هو معرفة الله تعالى، فهو الخالق لجميع الموجودات، المدبر لهذه الكائنات، لأننا إذا تأملنا جميع الصنائع
وتفكرنا فيها تفكراً سليماً علمنا أن لها صانعا خلقها.
الدليل العقلي على وجود الله تعالى:
ندرك بالعقل السليم أن الكتابة لا بد لها من كاتب، والضرب لا بد له من ضارب، و البناء لا بد له من بنّاء، فإذاً هذا العالم بما فيه من مخلوقات لا بد له من خالق حي مريد عالم قدير وهو الله سبحانه وتعالى، الذي لا يشبه شيئا من مخلوقاته ولا يشابهه شىء، لأنه لا يصح في العقل وجود فعل ما بدون فاعل.
ولا يصح أن يكون ذلك الفاعل طبيعة، لأن الطبيعة لا إرادة لها، فكيف تخلق؟ لا تخلق.
ولا يصح أيضاً أن يكون الشيء خالقا لنفسه لأنه مستحيل.
وكذلك لا يصح أن يخلق الشيء مثله أي مشابهه.
فالطفل مثلا يولد صغيرا، لا يتكلم ولا يمشي، ثم يتطور، فيبدأ بالكلام والمشي شيئا فشيئا، ثم ينمو فيصير شابا ثم كهلا ثم هرما، ثم يموت، فمن الذي طوره وغيّره من حال إلى حال؟ الله عزَّ وجلَّ هو الذي خلقه وطوّره وغيّره ثم أماته.
قصة رجل ينكر وجود الله:
يروى أن رجلا من منكري وجود الله أتى إلى أحد الخلفاء، وقال له: "إن علماء عصرك يقولون إن لهذا الكون صانعا، وأنا مستعد أن أثبت لهم أن هذا الكون لا صانع له".
فبعث الخليفة إلى عالم كبير يعلمه بالخبر ويأمره بالحضور، فتعمَّد العالم أن يتأخر قليلا عن الوقت، ثم حضر، فاستقبله الخليفة وأجلسه في صدر المجلس، وكان قد اجتمع العلماء وكبار الناس، فقال الرجل: لم تأخرت في مجيئك؟ فقال العالم: "ماذا تقول لو أخبرتك أنه قد حصل لي أمر عجيب، فتأخرت، وذلك أن بيتي وراء نهر دجلة، فجئت لأعبر النهر، فلم أجد سوى سفينة عتيقة، قد تكسرت ألواحها الخشبية، ولما وقع نظري عليها تحركت الألواح واجتمعت، واتصل بعضها ببعض، وصارت السفينة صالحة للسير بلا مباشرة نجار ولا عمل عامل، فقعدت عليها وعبرت النهر، وجئت إلى هذا المكان أتصدقني؟". فقال الرجل: "اسمعوا أيها الناس ما يقول عالمكم، فهذا لا يصدق. كيف توجد السفينة بدون أن يصنعها نجار؟ هذا كذب محض". فقال العالم: "أيها الكافر، إذا لم يعقل أن توجد سفينة بلا صانع ولا نجار، فكيف تقول بوجود العالم بلا صانع؟".
فسكت الرجل ولزمته الحجة، وعاقبه الخليفة لسوء اعتقاده.