هذه الآية خطاب من الله سبحانه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم
أن يقول للمشركين المعاندين لما جاء به، والمشركين من عبدة الأوثان: إن نصيري، ومعيني،
وظهيري عليكم هو الله رب العالمين، ومن ثم فلا سيبل لكم إلي؛ لأن الله حاميني، وناصري، وحافظي.
بمعني أن الله سبحانه هو وحده ولي المستضعفين من عباده في الأرض،
وهو وحده -لا أحد سواه- ناصرهم، ومعينهم، وهذا الذي ينبغي أن يدين الله به كلُّ مسلم،
ومن طلب الولاية من غيره سبحانه فقد ضل ضلالاً بعيداً، وخسر خسراناً مبيناً.
روي عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه أنه ما كان يدخر لأولاده شيئاً، فقيل له في ذلك،
فقال: ولدي إما أن يكون من الصالحين، أو من المجرمين، فإن كان من الصالحين، فوليه الله،
ومن كان الله له وليًّا، فلا حاجة له إلى مالي،
وإن كان من المجرمين، فقد قال تعالى: {فلن أكون ظهيرا للمجرمين} (القصص: 17)،
ومن رده الله، لم أشتغل بإصلاح مهماته.
إحداهما: الحكم على النبي صلى الله عليه وسلم بأنه من الصالحين،
الذين يصلحون في الأرض ولا يفسدون، وأن عبدة الأوثان مفسدون،
قد أفسدوا في تفكيرهم وفي اعتقادهم، وأفسدوا وأضلوا باتباعهم الأوهام، وبعبادتهم من لا ينفع ولا يضر.
والثانية: أن الله تعالى ناصر الصالحين من عباده على الفاسدين والمفسدين،
ويتولى الصالحين برعايته، وأنه سبحانه وتعالى لن يضيعهم أبداً،
وأن النصر في النهاية للفضيلة لا للرذيلة، وللحق لا للباطل،
وأنه سبحانه هو يتولى عباده المخلصين دائماً، وفي كل حال.
وإذا كان الله ولي المؤمنين، فالشيطان ولي الكافرين؛
ومن كان الشيطان وليه فبئس المولى، وبئس المصير.