الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء و المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين

أهلا وسهلا بكم

إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التفضل بزيارة صفحة التعليمات كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل ، إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله يقول: "إن إبليس قال لربه: بعزتك وجلالك لا أبرح أغوي بني آدم مادامت الأرواح فيهم - فقال الله: فبعزتي وجلالي لا أبرح أغفر لهم ما استغفروني"



اللّهم طهّر لساني من الكذب ، وقلبي من النفاق ، وعملي من الرياء ، وبصري من الخيانة ,, فإنّك تعلم خائنة الأعين ,, وما تخفي الصدور

اللهم استَخدِمني ولاَ تستَبدِلني، وانفَع بيِ، واجعَل عَملي خَالصاً لِوجهك الكَريم ... يا الله


اللهــم اجعل عملي على تمبـلر صالحاً,, واجعله لوجهك خالصاً,, ولا تجعل لأحد فيه شيئاً ,, وتقبل مني واجعله نورا لي في قبري,, وحسن خاتمة لي عند مماتي ,, ونجاةً من النار ومغفرةً من كل ذنب

يارب يارب يارب

    KEMASKINI

    _

    _
    ALLAHUMMA YA ALLAH BERIKANLAH KEJAYAAN DUNIA AKHIRAT PADAKU , AHLI KELUARGAKU DAN SEMUA YANG MEMBACA KARYA-KARYA YANG KUTULIS KERANA-MU AAMIIN YA RABBAL A'LAMIIN “Ya Allah, maafkanlah kesalahan kami, ampunkanlah dosa-dosa kami. Dosa-dosa kedua ibu bapa kami, saudara-saudara kami serta sahabat-sahabat kami. Dan Engkau kurniakanlah rahmatMu kepada seluruh hamba-hambaMu. Ya Allah, dengan rendah diri dan rasa hina yang sangat tinggi. Lindungilah kami dari kesesatan kejahilan yang nyata mahupun yang terselindung. Sesungguhnya tiadalah sebaik-baik perlindung selain Engkau. Jauhkanlah kami dari syirik dan kekaguman kepada diri sendiri. Hindarkanlah kami dari kata-kata yang dusta. Sesungguhnya Engkaulah yang maha berkuasa di atas setiap sesuatu.”

    تنبيه الغافلين : باب الرضا

    (قال الفقيه) رضي اللَّه تعالى عنه: حدثنا أبي رحمه اللَّه تعالى حدثنا العباس بن الفضل حدثنا موسى بن نصر الحنفي حدثنا محمد بن زياد الكوفي عن ميمون بن مهران قال: أمرني عمر بن عبد العزيز رضي اللَّه تعالى عنه
    أن آتيه في كل شهر مرتين، فجئته يوماً فنظر إليّ من فوق حصن له فأذن لي قبل أن أبلغ الباب، فدخلت كما أنا فإذا هو قاعد على بساط له وشاذكونة على قدر البساط وهو يرقع قميصاً له، فسلمت عليه فرّد عليّ السلام ولم يزل بي حتى أجلسني على شاذكونته ثم سألني عن أمرائنا وعن أمر شرطنا وعن جلاوذتنا وعن سجوننا وعن شعائرنا كلها، ثم سألني عن خاصة أمري، فلما نهضت لأخرج قلت يا أمير المؤمنين ما في أهل بيتك من يكفيك ما أرى؟ قال يا ميمون يكفيك من دنياك ما بلغك المحل نحن اليوم هاهنا وغداً في مكان آخر، ثم خرجت وتركته: حدثنا أبو منصور بن عبد اللَّه الفرائضي بسمرقند بإسناده عن قتادة رحمهم اللَّه في قول اللَّه عز وجل {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ} قال قتادة: هذا صنيع مشركي العرب أخبرنا اللَّه تعالى بخبث صنيعهم، فأما المؤمن فهو حقيق أن يرضى بما قسم اللَّه له، وقضاء اللَّه عز وجل خير من قضاء المرء لنفسه، وما قضى اللَّه لك يا ابن آدم مما تكره خير من قضائك بما تحب، فاتق اللَّه وارض بقضائه.
    (قال الفقيه) رحمه اللَّه تعالى: هذا القول موافق لقوله تعالى {وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} يعني ما فيه صلاحكم وصلاح دينكم ودنياكم وأنتم لا تعلمون ذلك: يعني ارضوا بما قضيت لكم فإنكم لا تعلمون ما فيه صلاحكم، وقال بعض الحكماء: المنازل أربعة: عمرنا في الدنيا، ومكثنا في القبر، ومقامنا في الحشر، ومصيرنا إلى الأبد الذي خلقنا له: فمثل عمرنا في الدنيا كمثل المتعشي في الحاج لا يطمئنون ولا يحلون الدواب والأثقال لسرعة الارتحال، ومثل مكثنا في القبر كمثل النزول في بعض المنازل يضعون الأثقال ويستريحون يوماً أوليلة ثم يرتحلون، ومثل مقامنا في الحشر كنزولهم بمكة وهو غاية الاجتماع لكل فريق من كل فجّ عميق يقضون النسك ثم يتفرّقون يميناً وشمالاً، كذلك يوم القيامة إذا فرغوا من المحاسبة افترقوا فرقاً إلى الجنة وفرقاً إلى السعير. وقال شقيق بن إبراهيم رحمه اللَّه تعالى: سألت سبعمائة عالم عن خمسة أشياء فكلهم أجابوا بجواب واحد: قلت: من العاقل؟ قالوا العاقل من لم يحب الدنيا، قلت من الغني؟ قالوا البذي يرضى بما قسم اللَّه له. قلت من الكيس؟ قالوا من لم تغره الدنيا، قلت من الفقيه؟ قالوا الذي يمتنع من طلب الزيادة. قلت من البخيل؟ قالوا الذي يمنع حق اللَّه تعالى من ماله. ويقال: سخط اللَّه تعالى على العبد في ثلاثة أشياء أحدها أن يقصر فيما أمر اللَّه تعالى، والثاني أن لا يرضى بما قسم اللَّه تعالى له، والثالث أن يطلب شيئاً فلا يجده فيسخط على ربه.
    وقال بعض الحكماء في قول اللَّه عز وجل {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} قال الفقهاء من سرق عشرة دراهم تقطع يده، وليست لهذه العشرة حرمة حتى تقطع يد الرجل المؤمن لأجلها، ولكن تقطع يده لمعنيين: أحدهما لهتك حرمة المسلمين، والثاني لأنه لم يرض بما قسم اللَّه تعالى له ومال إلى مال غيره فأمر اللَّه تعالى أن تقطع يده نكالاً بما كسب ليكون عبرة لغيره لكي يرضى بما قسم اللَّه تعالى له. وينبغي للمؤمن أن يكون راضياً بما قسم اللَّه تعالى له فإن الرضا بما قسم اللَّه له من أخلاق الأنبياء والصالحين. وروى عن أبي الدرداء رضي اللَّه تعالى عنه أنه قال: اثنتا عشرة خصلة من أخلاق الأنبياء عليهم الصلاة والسلام: أولها أنهم كانوا آمنين بوعد الله، والثاني كانوا آيسين من الخلق، والثالث كانت عدواتهم مع الشيطان، والرابع كانوا مقبلين على أمر أنفسهم: والخامس كانوا مشفقين على الخلق، والسادس كانوا محتملين لأذى جميع الخلق، والسابع كانوا موقنين بالجنة: يعني إذا عملوا عملاً أيقنوا أن اللَّه لا يضيع ثوابهم ولا ثواب عملهم، والثامن كانوا متواضعين في مواضع الحق، والتاسع كانوا لا يدعون النصيحة في موضع العداوة، والعاشر كان رأس أموالهم الفقر: يعني كانوا لا يمسكون فضل المال وينفقون على الفقراء، والحادي عشر كانوا يديمون على الوضوء، والثاني عشر كانوا لا يفرحون بما وجدوا من الدنيا ولا يغتمون على ما فاتهم من الدنيا.
    وقال بعض العلماء: حرمة الزاهدين عشرة أشياء: أولها عداوة الشيطان يرونها واجبة على أنفسهم لقوله عز وجل: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً}، والثاني لا يعملون عملاً إلا بالحجة: يعني لا يعملون عملاً إلا بعد ما ثبتت لهم الحجة يوم القيامة لقول اللَّه عزّ وجل {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ} يعني حجتكم، والثالث أنهم مستعدون للموت لقول اللَّه تعالى {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ المَوْتِ}، والرابع يحبون في اللَّه ويبغضون في اللَّه لقول اللَّه عز وجل {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّه وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمْ الإِيمَانَ} يعني من كان مؤمناً لا تكون له صداقة مع من يخالف أمر اللَّه ولو كان أباه أو ابنه أو إخوانه وعشيرته، والخامس أنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر لقول اللَّه عزّ وجل {وَأْمُرْ بِالمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنْ المُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ}، والسادس أنهم يعتبرون ويتفكرون في أمر اللَّه تعالى لقول اللَّه عزّ وجل {وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ}، وقال في آية أخرى {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ} والسابع يحرسون قلوبهم لكيلا يتفكروا فيما لم يكن فيه رضا اللَّه سبحانه وتعالى لقول اللَّه تعالى {إِنَّ السَّمْعَ وَالبَصَرَ وَالفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً}، والثامن أن لا يأمن مكر اللَّه لقول اللَّه تعالى {فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّه إِلا القَوْمُ الخَاسِرُونَ}، والتاسع أن لا يقنطوا من رحمة اللَّه لقوله تعالى {لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّه إِنَّ اللَّه يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ}، والعاشر لا يفرحون بما آتاهم اللَّه من الدنيا ولا يحزنون على ما فاتهم لقوله تعالى {لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ}، يعني أن العبد لا يعلم بأن الصلاح فيما يفوته أو فيما يأتيه فينبغي أن يكون في الحالين سواء، فإن المؤمن مثله مثل الآس والمنافق مثل الورد فالآس يكون على حال واحد في حال البرد والحر وأما الورد فيتغير حاله إذا أصابه أدنى آفة، فكذلك المؤمن يكون حاله عند الشدة وعند الرخاء واحداً ويكون راضياً بما قسم اللَّه له، وأما المنافق فلا يكون راضياً بما قسم اللَّه له فيطغى عند النعمة ويجزع عند الشدة، فينبغي للمؤمن أن يقتدي بأفعال الأنبياء والزهاد ولا ينبغي أن يقتدي بأفعال الكفار والمنافقين، وبالله التوفيق.
    {باب المواعظ}
    (قال الفقيه) أبو الليث السمرقندي رضي اللَّه تعالى عنه: حدثنا أبو نصر الدبوسي منصور بن جعفر الفقيه رحمه اللَّه تعالى حدثنا أبو القاسم أحمد بن حم حدثنا محمد بن الفضل حدثنا يزيد بن هرون حدثنا محمد بن سلمه عن علي بن يزيد عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري رضي اللَّه تعالى عنه قال "خطبنا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بعد العصر إلى مغير بان الشمس حفظها منا من حفظها ونسيها من نسيها فقال: ألا إن الدنيا خضرة حلوة وإن اللَّه مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون ألا فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، ألا إن بني آدم خلقوا على طبقات شتى فمنهم من يولد مؤمناً ويحيا مؤمناً ويموت مؤمناً ومنهم من يولد مؤمناً ويحيا مؤمناً ويموت كافراً ومنهم من يولد كافراً ويحيا كافراً ويموت مؤمناً، ألا وإن الغضب جمرة توقد في قلب ابن آدم ألم تروا إلى حمرة عينيه وانتفاخ أوداجه فمن وجد من ذلك شيئاً فالأرض الأرض، إلا أن خير الرجال من كان بطيء الغضب سريع الفء فإذا كان سريع الغضب سريع الرضا فإنها بها، ألا وإن شر الرجال من كان سريع الغضب بطيء الرضا فإن كان بطيء الغضب بطيء الرضا فإنها بها، ألا وإن خير التجار من كان حسن الطلب حسن القضاء فإذا كان حسن الطلب سيء القضاء فإنها بها ألا وإن شر التجار من كان كان سيء الطلب سيء القضاء فإن كان سيء الطلب حسن القضاء فإنها بها، ألا وإن لكل غادر لواء يعرف به يوم القيامة ألا ولا غدر أكبر من غدر إمام عامة، ألا وإن أفصل الجهاد كلمة عدل عند إمام جائر، ألا لا يمنعن أحدكم مخافة الناس أن يقول بالحق إذا شهده وعلمه حتى إذا كان عند مغيربان الشمس قال: ألا إنه لم يبق من الدنيا فيما مضى إلا كما بقى من هذه الشمس أن تغيب".
    قال: حدثنا أبي رحمه اللَّه تعالى حدثنا العباس بن الفضل المدني حدثنا عبد اللَّه بن عبد الرحمن حدثنا الحكم عن نافع حدثنا شعبة عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي اللَّه تعالى عنه قال "شهدنا مع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يوم حنين فقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم لرجل ممن يدعي الإسلام: إن هذا من أهل النار، فلما حضر الرجل القتال قاتل الرجل
    أشد القتال، فجاء رجل من أصحاب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فقال يا رسول اللَّه أرأيت الرجل الذي ذكرت أنه من أهل النار فو اللَّه ليقاتل في سبيل اللَّه أشد القتال، فقال أما إنه من أهل النار، فكاد بعض الناس يرتاب، فبينما هو على ذلك إذ وجد ألم الجراح فأهوى بيده إلى الكنانة فاستخرج منها سهماً وتكلم بكلمة منكرة ونحر نفسه، فاشتد الرجال من المسلمين إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلم فقالوا يا رسول اللَّه قد صدّق اللَّه حديثك قد فجر فلان فقتل نفسه، فقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم قم يا فلان فناد لا يدخل الجنة إلا مؤمن" وقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم "إنما الأعمال بالخواتيم لا عبرة بكثرة الصلاة والصيام وإنما ينظر إلى خاتمة أمره".
    قال: حدثنا أبو يعقوب إسحق بن إبراهيم العطار حدثنا أبو عبد اللَّه محمد بن صالح الترمذي حدثنا سويد بن نصر حدثنا ابن المبارك حدثنا سفيان عن الأعمش عن زيد بن وهب عن عبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّه تعالى عنه عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وهو الصادق المصدوق "من خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوماً نطفة ثم يكون علقة أربعين يوماً ثم يكون مضغة أربعين يوماً، ثم يبعث اللَّه إليه الملك بأربع كلمات فيقال له اكتب أجله وأمله وعمله ورزقه واكتب شقياً أو سعيداً، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيختم له بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيختم له بعمل أهل الجنة فيدخلها" فهذا الحديث موافق الحديث الأول "إنما الأعمال بالخواتيم" فالواجب على كل مسلم أن يدعوا اللَّه عز وجل أن يجعل خاتمته بخير فإن أكثر ما يخاف ذهاب الإيمان عند النزع وذكر عن يحيى بن معاذ الرازي رحمه اللَّه تعالى إنه كان يقول: اللهم إن أكثر سروري فيما أكرمتني بالإيمان، وأخاف أن تنزعه مني، فما دام هذا الخوف معي أرجو أن لا تنزعه مني. وسأل أبو القاسم الحكيم بسمرقند رحمه اللَّه تعالى هل من ذنب ينزع الإيمان من العبد؟ قال نعم، ثلاثة من الذنوب تنزع الإيمان من العبد: أوّلها أن لا يشكر اللَّه على ما أكرمه به من الإيمان، والثاني أن لا يخاف فوت الإيمان عنه، والثالث أن يظلم أهل الإسلام. وروى عن الحسن البصري رضي اللَّه تعالى عنه أنه قال: يعذب الرجل في النار ألف سنة ثم يخرج منها إلى الجنة، ثم قال الحسن يا ليتني كنت أنا ذلك الرجل، وإنما قال الحسن ذلك لأنه خاف عاقبة أمره، هكذا كان الصالحون يخافون خاتمة أمرهم.
    {باب الحكايات}
    (قال الفقيه) أبو الليث رحمه اللَّه تعالى: حدثنا أبي رحمه اللَّه حدثنا أبو الحسن الفراء حدثنا محمد بن حم الفقيه حدثنا محمد بن حاتم لهروي حدثنا سويد بن سعيد حدثنا عمرو الكلاعي عن قتادة عن أنس رضي اللَّه تعالى عنه قال "جاء رجل إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلم فقال يا رسول اللَّه أيمنعني سوادي ودمامة وجهي من دخول الجنة؟ قال لا والذي نفسي بيده ما أيقنت بربك وآمنت بما جاء به رسوله، قال فوالذي أكرمك بالنبوة لقد شهدت أن لا إله إلا اللَّه وأن محمدا عبده ورسوله من قبل أن أجلس هذا المجلس بثمانية أشهر، ولقد خطبت إلى عامة من بحضرتك ومن ليس معك فردوني لسوادي ودمامة وجهي، وإني لفي حسب من قومي من بني سليم ولكن غلب عليّ سواد أخوالي، فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم هل شهد اليوم عمرو ابن وهب وكان رجلا من ثقيف قريب العهد بالإسلام؟ قالوا لا، قال له أتعرف منزله، قال نعم، قال فاذهب واقرع الباب قرعا رقيقا ثم سلم فإذا دخلت فقل زوجني رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فتاتكم، وكان له ابنة عاتقة وكان لها حظ من الجمال والعقل فلما أتى الباب وقرع وسلم فرحبوا به حيث سمعوا لغة عربية ففتحوا الباب، فلما رأوا سواده ودمامة وجهه انقبضوا عنه فقال إن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قد زوجني فتاتكم فردوا عليه ردا قبيحا، فخرج الرجل ومضى حتى أتى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فقالت الفتاة لأبيها النجاة النجاة قبل أن يفضحك الوحي، فإن يك رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قد زوجني منه فقد رضيت بما رضي اللَّه لي ورسوله، فخرج الشيخ حتى أتى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وجلس في أدنى المجلس، فقال له رسول اللَّه أنت الذي رددت على رسول اللَّه ما رددت؟ قال قد فعلت وأستغفر الله، وظننت أنه كاذب فيما يقول فأما إذا كان صدقا فقد زوجناه فنعوذ بالله من سخط اللَّه وسخط رسوله، فزوجها منه بأربعمائة درهم، فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم للزوج وهو سعيد السلمي: اذهب إلى صاحبتك فادخل بها، فقال والذي بعثك بالحق نبيا ما أجد شيئا حتى أسأل إخواني؟ فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم مهر امرأتك على ثلاثة نفر من المؤمنين، اذهب إلى عثمان بن عفان رضي اللَّه تعالى عنه فخذ منه مائتي درهم، فأعطاه وزاده، واذهب إلى عبد الرحمن بن عوف وخذ منه مائتي درهم، فأعطاه وزاده، واذهب إلى عليّ وخذ منه مائتي درهم، فأعطاه وزاده، فبينما هو في السوق ومعه ما يشتري لزوجته فرحا قرير العين إذ سمع صوت النفير ينادي يا خيل اللَّه اركبي: يعني أن منادي رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ينادي النفير النفير، فنظر نظرة إلى السماء ثم قال اللهم إله السموات والأرض وإله محمد صلى اللَّه عليه وسلم لأجعلن هذه الدراهم اليوم فيما يحب اللَّه ورسوله والمؤمنين، فاشترى فرسا وسيفا ورمحا واشترى مجنة وشدّ عمامته على بطنه واعتجر فلم ير إلا جماليق عينيه، حتى وقف على المهاجرين فقالوا من هذا الفارس الذي لا نعرفه؟ فقال لهم عليّ رضي اللَّه تعالى عنه كفواً عن الرجل فلعله ممن طرأ عليكم من قبل البحرين أو من قبل الشام فجاء يسألكم عن معالم دينكم فأحب أن يواسيكم اليوم بنفسه، فأقبل يطعن برمحه ويضرب بسيفه حتى نام به فرسه فنزل وحسر عن ذراعيه وتشمر للقتال، فلما رأى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم سواد ذراعيه عرفه فقال: أسعد أنت؟ قال نعم بأبي أنت وأمي قال: سعد جدّك، فما زال يطعن برمحه ويضرب بسيفه كل ذلك يقتل أعداء اللَّه إذ قالوا صرع سعد، فخرج رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم مقبلاً نحوه فأتاه فرفع رأسه ووضعه على حجره ومسح عن وجهه التراب بثوبه وقال: ما أطيب ريحك وأّحبَّك إلى اللَّه رسول الله. قال: فبكى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ثم ضحك ثم أعرض بوجهه ثم قال: ورد الحوضّ ورب الكعبة. قال أبو لبابة: بأبي أنت وأمي يا رسول اللَّه وما الحوض؟ قال: حوض أعطانيه ربي عرضه ما بين صنعاء إلى بصرى، حافتاه مكللتان بالدرّ والياقوت، ماؤه أشدّ بياضاً من اللبن وأحلى من العسل، من شرب منه شربة لا يظمأ بعدها أبدا، فقال يا رسول اللَّه رأيناك بكيت ثم ضحكت ثم أعرضت بوجهك؟ قال: أما بكائي فبكيت شوقاً إلى سعد، وأما ضحكي ففرحت بمنزلته من اللَّه تعالى وكرامته على الله، وأما إعراضي فإني رأيت أزواجه من الحور العين يتبادرنه كاشفات سوقهنّ باديات خلاخيلهن فأعرضت عنهنّ حياء منهن، فأمر بسلاحه وفرسه وما كان له من شيء فقال: اذهبوا به إلى زوجته فقولوا إن اللَّه قد زوجه خيراً من فتاتكم".
    (قال الفقيه) رضي اللَّه تعالى عنه: حدثنا محمد بن داود حدثنا محمد بن جعفر الكرابيسي حدثنا إبراهيم بن يوسف حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن سعد عن عمر رضي اللَّه تعالى عنهما قال: خرج ثلاثة نفر ممن قبلكم ينبسطون في الأرض فأصابهم المطر فلجئوا إلى غار، فبينما هم فيه إذا انقضت صخرة من الجبل فأطبقت عليهم بابه، فقالوا عفا الأثر وانقطع الخبر وليس لكم إلا اللَّه وصالح أعمالكم يعني أنه قال بعضهم لبعض ادعوا اللَّه بصالح أعمالكم الذي عملتم فلعل اللَّه يفرّج عنا: فقال رجل منهم: اللهم إنك تعلم أنه كان لي بنت عم وأنها كانت تعجبني فراودتها عن نفسها فأبت فأصابتها حاجة شديدة فأتتني وسألني فقلت: لا، حتى تمكنيني من نفسك فأبت، ثم ذهبت فرجعتْ وقد أصابتها حاجة شديدة، وفي رواية أخرى: أن زوجها كان مريضاً وكان بينهما أولاد صغار وقد أصابهم القحط. قال: فأتتني فسألتني المرّة الثالثة والرابعة، فقلت لا حتى تمكنيني من نفسك، فقالت دونك، فلما قعدت منها مقعد الرجل من امرأته ارتعدت، فقالت لا يحلّ لك أن تفك هذا إلا بحقه، فتركتُها ووفرت عليها ما احتاجت إليه، اللهم إن كنت تعلم أني فعلت هذا ابتغاء
    لوجهك ففرجّ عنا، فانفرجت من باب الغار فرجة، وقال الآخر: اللهم إنك تعلم أنه كان لي أبوان شيخان كبيران، وإني حَلَبتُ حلاباً فجئت أعشيهما فوجدتهما نائمين فكرهت أن أوقظهما وخشيت على غنمي لو تركتها لضاعت من السباع فتركت ماشيتي وأمسكت الإناء على يدي حتى طلع الفجر وغنمي في البريّة، اللهم إن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا، فانفرجت عنهم فرجة أخرى. وقال الآخر: اللهم إنك تعلم أني استأجرت أجراء يعملون لي كل رجل بمُديَّن من الطعام، فعملوا لي فوفيتهم أجورهم فقال رجل منهم كان عملي أفضل فأعطني أفضل فأبيت فغضب. وفي رواية أخرى. قال: جاء رجل آخر في نصف النهار فعمل في بقية نهاره مثل ما عمل غيره في يومه كله فرأيت أن لا أنقص من أجرته شيئاً فقال رجل منهم إنه جاء وسط النهار وأنا جئت في أول النهار فسوّيت بيننا في الأجرة، فقلت هل نقصت من أجرتك شيئاً، فغضب وترك أجرته وذهب فأخذت المدّين فزرعتهما فجاء منه المال فاشتريت من ذلك البقر والغنم والإبل وشيئاً كثيراً، فجاءني بعد ذلك يطلبه مني بعد ما اشتدت حاجته، فقلت انظر كل شيء ههنا فخذه، اللهم إن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا فانفرج عنهم فخرجوا منها. وروى هذا الخبر أيضاً النعمان بن بشير عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم انه كان يحدّث حديث الرقيم وذكر هذا الحديث. وروى غير النعمان أيضاً هذا الخبر عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم إلا أنهم رووه بألفاظ مختلفة.
    [حكاية]
    (قال الفقيه) رضي اللَّه تعالى عنه إنه كان في بني إسرائيل عابد وكان قد أوتي جمالاً وحسناً وكان يعمل القفاف بيده فيبيعها فمرّ ذات يوم بباب الملك فنظرت إليه جارية لامرأة الملك، فدخلت إليها وقالت لها ههنا رجل ما رأيت أحسنّ منه يطوف بالقفاف، قالت أدخليه عليّ، فأدخلته فلما دخل نظرت إليه فأعجبها فقالت له اطرح هذه القفاف وخذ هذه الملحفة، وقالت لجاريتها هات الدهن يا جارية وهات الطيب فتقضي منه حاجتها ويقضيها منا، وقالت نُغنِك عن بيع هذا، فقال ما أريد ذلك مراراً، قالت وإن لم ترد فإنك غير خارج حتى تقضي حاجتنا منك، وأمرت بالأبواب فأُغلقت، فلما رأى ذلك قال هل فوق قصركم هذا موضع؟ قالت نعم، ثم قالت يا جارية ارقي بوضوئه، فلما رقى جاء إلى ناحية السطح فرأى قصراً مرتفعاً ولا شيء يتعلق به ليرسل نفسه من السطح، فأخذ يعاتب نفسه ويقول يا نفس أنت منذ سبعين سنة تطلبين رضا الرب الكريم حريصة عليه في الليل والنهار جاءتك عشية واحدة تفسد عليك هذا كله إنك والله لخائنة إن جاءتك هذه العشية وأفسدت عليك عملك فتلقى اللَّه ببقية عملك فجعل يعاتبها، قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: فلما تهيأ ليلقي نفسه قال اللَّه عز وجل لجبريل يا جبريل، قال لبيك وسعديك قال عبدي يريد أن يقتل نفسه فراراً من سخطي ومعصيتي فتلقه بجناحيك لا يصيبه مكروه، فبسط جبريل عليه السلام جناحه فأخذه به ثم وضعه كما يضع الوالد الرحيم ولده. قال: فأتى امرأته وترك القفاف وقد غابت الشمس، فقالت له امرأته أين ثمن القفاف؟ فقال لها ما أصبت لها ثمناً، فقالت على أيّ شيء نفطر الليلة؟ قال نصبر ليلتنا هذه، ثم قال: قومي فاسجري تنورك فإنا نكره أن جيراننا إذا لم يرونا نسجر التنور اشتغلت قلوبهم بنا، فقامت فسجرته ثم جاءت فقعدت، فجاءت امرأة من جيرانها فقالت يا فلانة هل عندك وقود؟ قالت نعم ادخلي فخذي من التنور، فدخلت ثم خرجت فقالت يا فلانة مالي أراك جالسة تتحدثين مع فلان وقد نضج خبزك في التنور ويكاد أن يحترق، فقامت فإذا التنور محشوّ خبزاً نقيا فجعلته في جفنة، ثم جاءت به إلى الزوج فقالت إن ربك لم يصنع بك هذا إلا وأنت عليه كريم، فادع اللَّه أن يبسط علينا بقية عمرنا، فقال لها تصبري على هذا فلم تزل به حتى قال نعم أفعل، فقام في جوف الليل يصلي ودعا اللَّه تعالى وقال: اللهم إن زوجتي سألتني فأعطها ما تتوسع به في بقية عمرها فانفرج السقف فنزلت إليه كف عليه ياقوته أضاء لها البيت كما تضيء الشمس، فغمز رجلها وكانت نائمة قريبة منه، فقال لها اجلسي وخذي ما سألت، فقالت لا تعجل ألهذا أيقظتني قد كنت رأيت في المنام كأني أنظر إلى كراسيّ مصفوفة من ذهب مكللة بالياقوت والزبرجد فيها ثلمة، فقلت لمن هذا؟ قالوا هذا مجلس زوجك فقلت ما هذه الثلمة؟ قالوا ما تعجل به زوجك، فقلت ما لي حاجة في شيء يثلم عليك مجلسك ادع ربك فدعا ربه فرجع الكف.
    {حكاية}
    (قال الفقيه) رحمه اللَّه تعالى: حدثنا أبي رحمه اللَّه تعالى بإسناده عن عبد اللَّه بن الفرج العابد يقول: خرجت يوماً أطلب رجلاً يروم لي شيئاً في الدار، فذهبت فأشير إليّ برجل حسن الوجه بين يديه مروز وزنبيل، فقلت أتعمل لي اليوم إلى الليل؟ قال نعم، فقلت بكم؟ قال بدرهم ودانق، فقلت له قم فقام فعمل ذلك اليوم عمل ثلاثة رجال، ثم أتيته في اليوم الثاني فسألت عنه قيل لي ذلك الرجل لا يرى في الجمعة إلا يوماً واحداً يوم كذا، فتربصت حتى أتى اليوم الذي وصفوه ثم جئت ذلك اليوم فإذا هو جالس وبين يديه مروز وزنبيل، فقلت له أتعمل لي؟ قال نعم، قلت بكم؟ قال بدرهم ودانق، فقلت قم فقام فعمل ذلك اليوم عمل ثلاثة رجال، فلما كان بالمساء وزنت درهمين ودانقين، وأحببت أن أعلم ما عنده، قال لم هذا؟ قلت درهمان ودانقان، قال ألم أقل لك بدرهم ودانق قد أفسدت عليّ أجرتي لست آخذ منك شيئاً، قال فوزنت له درهماً ودانقاً فأبى أن يأخذ وألححت عليه، فقال سبحان اللَّه أقول لا آخذ وتلح عليّ فأبى أن يأخذ ومضى. فأقبلتْ على أهلي فقالت فعل اللَّه بك ما أردت من الرجل قد عمل لك عمل ثلاثة أيام وأفسدت عليه أجرته، قال فجئت يوماً أسأل عنه فقيل إنه مريض، فاستدللت على بيته فاستأذنت عليه فدخلت عليه فإذا هو مبطون في خربة ليس في بيته شيء إلا ذلك المروز والزنبيل، فسلمت عليه فردّ عليّ السلام فقلت له لي إليك حاجة وتعرف فضل إدخال السرور على المؤمن وأنا أحب أن تأتي إلى بيتي أمرّضك، قال أتحب ذلك؟ قلت نعم، قال آتيك بثلاث شرائط، قلت نعم، قال أحدها أن لا تعرض عليّ طعاماً حتى أسألك، قلت نعم، والثانية إذا متّ أن تدفنني في كسائي هذا وجبتي هذه، فقلت نعم، قال أما الثالثة فهي أشدّ منهما وسأخبرك عنها، فحملته إلى منزلي عند الظهر، فلما أصبحت من الغد ناداني يا عبد الله، فأتيته فقلت ما شأنك؟ قال الآن أخبرك عن حاجتي الثالثة وإني قد احتضرت: يعني قد حضرت وفاتي، ثم قال افتح صرة على كمّ جبتي ففتحها فإذا فيها خاتم له فص أخضر، فقال لي إذا أنا مت ودفنتني فخذ هذا الخاتم وادفعه إلى هارون الرشيد أمير المؤمنين وقل له يقول لك صاحب هذا الخاتم: ويحك لا تموتن على سكرتك هذه إن مت على سكرتك ندمت على ذلك.
    فلما دفنته سألت عن يوم خروج هرون الرشيد وكتبت له القصة وتعرّضت له فدفعتها إليه وتأذيت أذى شديداً، فلما دخل القصر وقرأ القصة قال عليّ يصاحب هذه القصة، فدخلت إليه فقال ما شأنك. فأخرجت الخاتم، فلما نظر إلى الخاتم قال لي من أين لك هذا؟ فقلت دفعه إليّ رجل طيان، ونظرت إلى دموعه تتحدر من عينيه على لحيته ومن لحيته على ثيابه ويقول طيان طيان وقربني منه وأدناني، فقلت يا أمير المؤمنين إنه أوصاني السلام أيضاً وقال لي إذا أوصلت إليه الخاتم قل له إنه يقرؤك صاحب هذا الخاتم السلام ويقول لك لا تموتن على سكرتك هذه فإنك إن مت على سكرتك هذه ندمت، فقام على رجليه قائماً فضرب بنفسه على البساط وهو يتقلب برأسه ولحيته ويقول يا بني نصحت أباك حياً وميتاً، فقلت في نفسي كأنه ابنه ولم أشعر به، فبكى بكاء طويلاً ثم جلس وجاءوا بالماء وغسل وجهه ثم قال كيف عرفته؟ فقصصت عليه القصة بكى بكاءاً شديداً طويلاً ثم قال: كان هذا أول مولود ولد لي فكان أبي المهدي، ذكر لي أن يزوجني زبيدة فنظرت يوماً إلى امرأة فعلق قلبي بها فتزوجتها سراً من أبي وأولدتها هذا الولد، فأنقذتهما إلى البصرة ودفعت إليهما هذا الخاتم وأشياء كثيرة وقلت لها اكتمي نفسك فإذا بلغك إني قد قعدت للخلافة فأتيني، فلما قعدت للخلافة سألت عنهما فذكر لي أنهما ماتا ولم أعلم أنه باق فأين دفنته؟ فلت دفنته في مقابر عبد اللَّه بن المبارك، قال إن لي إليك حاجة إذا كان بعد المغرب وقفت لي حتى أخرج إليك متنكراً فأخرج إلى قبره فأزوره فوقفت له فخرج والخدم حوله حتى وضع يده في يدي فجئت به إلى قبره، فما زال ليلته يبكي إلى الصبح ويقول يا بني نصحت أباك حياً وميتاً، فجعلت أبكي لبكائه رقة مني له حتى طلع الفجر، ثم رجع حتى إذا دنا إلى الباب فقال لي قد أمرت لك بعشرة آلاف درهم وأمرت بأن تجري عليك فإذا أنا مت أوصيت من يلي من بعدي أن يجري عليك ما بقي لك عقبى فإن لك علي حقاً بدفنك ولدي، فلما أراد أن يدخل الباب قال لي انظر إلى ما أوصيتك إذا طلعت الشمس، فقلت إن شاء اللَّه فرجعت من عنده فلم أعد إليه.
    {حكاية}(قال الفقيه) رحمه اللَّه حدثنا العباس بن الفضيل حدثنا يحيى بن أبي حاتم عن همام بن سمرة عن ليث بن خالد عن يزيد بن هارون عن يحيى ابن موسى عن شهر بن حوشب عن أبي أمامة عن عليّ بن أبي طالب رضي اللَّه تعالى عنهم قال "لما آخى نبي اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بين المسلمين آخى بين سعيد بن عبد الرحمن وبين ثعلبة الأنصاري، وغزا نبي اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم غزوة تبوك فخرج سعيد بن عبد الرحمن غازياً وخلف أخاه ثعلبة في أهله فكان يحتطب لأهله الحطب ويستقي لهم الماء على ظهره في كل ذلك يرجو ثواب من اللَّه تعالى، فأقبل ثعلبة ذات يوم فدخل المنزل فجاءه إبليس لعنه اللَّه فقال له انظر ما خلف الستر، فرفع ثعلبة الستر فرأى امرأة أخيه وكانت امرأة جميلة فلم يصبر حتى دخل عليها ومسّها، فقالت له يا ثعلبة ما حفظت فينا حرمة أخيك الغازي في سبيل الله. فنادى ثعلبة بالويل والثبور وخرج هارباً إلى الجبل، فنادى بأعلى صوته إلهي أنت أنت وأنا أنا أنت العوّاد بالمغفرة وأنا العوّاد بالذنوب والخطايا.
    فلما أقبل النبي صلى اللَّه عليه وسلم من غزوته أقبل جميع الإخوان يتلقون إخوانهم ولم يستقبل أخو سعيد، فأقبل سعيد إلى منزله فقال لامرأته يا هذه ما فعل أخي المؤاخي في الله؟ قالت إنه ألقى بنفسه في بحور الخطايا فخرج هارباً إلى الجبل، فخرج سعيد يطلب أخاه فوجده منكباُ على وجهه واضعاً يده على رأسه ينادي بأعلى صوته واذل مقاماه مقام من عصى ربه، فقال له سعيد قم يا أخي فما الذي بلغك ما أرى؟ فقال ثعلبة لست بقائم معك حتى تغلّ يديّ إلى عنقي وتقودني كما يقاد العبد الذليل إلى باب مولاه، ففعل وكانت له ابنة يقال لها خمصانة، فأقبلت تقود أباها حتى أتت به إلى باب عمر رضي اللَّه تعالى عنه، فدخل عليه فقال لامست امرأة أخي الغازي في سبيل اللَّه فهل لي من توبة؟ فقال عمر: أخرج من عندي فقد هممت أن أقوم إليك وآخذ بشعرك أخرج من عندي فلا توبة لك عندي، فانطلق من عنده إلى باب أبو بكر رضي اللَّه تعالى عنه، فلما دخل قال لامست امرأة أخي الغازي في سبيل اللَّه فهل لي من توبة؟ فقال أبو بكر الصديق رضي اللَّه تعالى عنه: أخرج من عندي لا تحرقني بنارك فلا توبة لك عندي أبدا، فخرج من عنده إلى باب علي رضي اللَّه تعالى عنه وقال: لامست امرأة أخي الغازي في سبيل اللَّه فهل لي من توبة؟ فقال له، أخرج من عندي فلا توبة لك عندي أبداً، فخرج من عنده وهو يقول يا أخي ويا ابنتي قد آيسني هؤلاء النفر وأرجو أن لا يؤيسني رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فأتت به ابنته إلى باب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فلما دخل عليه نظر إليه رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فقال: ذكرتني سلاسل جهنم وأغلالها، فقال له يا نبيّ اللَّه بأبي أنت وأمي لامست امرأة أخي الغازي في سبيل اللَّه فهل لي من توبة؟ قال النبي صلى اللَّه عليه وسلم أخرج من عندي فلا توبة لك عندي أبداً، فخرج فقالت له ابنته يا أبت لست لي بوالد ولا أنا لك بابنة حتى يرضى عنك محمد عليه الصلاة والسلام وأصحابه فأقبل ثعلبة هارباً إلى الجبل ينادي بأعلى صوته يا رب أتيت عمر فأراد ضربي، وأتيت أبا بكر فانتهرني، وأتيت عليا فطردني، وأتيت النبي صلى اللَّه عليه وسلم فآيسني، فما أنت يا مولاي صانع بي أن تقول لدعائي نعم أو تقول لا، فإن قلت لا فيا ويلتاه ويا شقوتاه ويا ندامتاه، وإن قلت نعم فطوبى لي. قال: فأقبل ملك من السماء وهو يقول للنبي صلى اللَّه عليه وسلم: يقول اللَّه تعالى أنت خلقت الخلق أو أنا؟ قال بل أنت يا سيدي، قال يقول لك الجبار تبارك وتعالى بشر عبدي أني غفرت له. قال: فقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم من يأتيني بثعلبة؟ قال فقام أبو بكر وعمر رضي اللَّه تعالى عنهما فقالا يا رسول اللَّه نحن نأتي به، فقام عليّ وسلمان رضي اللَّه تعالى عنهما فقالا يا رسول اللَّه نحن نأتي به. فأذن لعليّ وسلمان فخرجا وأخذا في وجهه فانطلقا فإذا هما براع من رعاة المدينة، فقال له عليّ كرم اللَّه وجهه هل رأيت رجلاً من أصحاب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم؟ قال الراعي عسى أنكما تطلبان الهارب من جهنم؟ قالا نعم. فدلنا على موضعه، قال إذا جنّ عليه الليل حضر هذا الوادي حتى يجيء تحت هذه الشجرة ثم ينادي بأعلى صوته واذلّ مقاماه مقامُ من عصى ربه فأقاما حتى جنّ عليهما الليل إذ أقبل ثعلبة فأتى الشجرة فخرّ تحتها ساجداً باكياً، فلما سمع بكاءه سلمان مشى إليه فقال يا ثعلبة قم فإن رب العالمين قد غفر لك؟ قال كيف تركتما حبيبي محمداً صلى اللَّه عليه وسلم؟ قال سلمان كما يحب اللَّه وتحب أنت، فلما أقام بلال الصلاة أدخلاه المسجد فأقاماه في آخر الصف، فقرأ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم {الهَاكُمْ التَّكَاثُرُ} فشهق شهقة فلما تلى {حَتَّى زُرْتُمْ المَقَابِرَ} شهق شهقة أخرى وفارق الدنيا، فلما انفتل النبي صلى اللَّه عليه وسلم جاء إلى ثعلبة فقال يا سلمان انضح عليه الماء فنادى سلمان يا نبيّ اللَّه قد فارق الدنيا، فأقبلت ابنته فقالت يا نبي اللَّه ما فعل والدي فإني كنت بالأشواق إليه؟ قال ادخلي المسجد، فدخلت فإذا هي بوالدها ميت مسجى، فوضعت يدها على رأسها ثم أنشأت تنادي واغماه فمن لي بعدك يا أبتاه، فقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم يا خمصانة أما ترضين أن أكون لك والداً وتكون فاطمة لك أختاً؟ فقالت بلى يا رسول الله، فلما حمل ثعلبة أقبل النبي صلى اللَّه عليه وسلم يتبع جنازته حتى إذا بلغ شفير القبر أقبل يمشي على أطراف أصابعه؟ فلما رجع قال عمر رضي اللَّه تعالى عنه يا رسول اللَّه رأيتك تمشي على أطراف أصابعك؟ قال يا عمر ما قدرت أن أضع باطن قدمي من كثرة الملائكة".
    (قال الفقيه) رضي اللَّه تعالى عنه: قد روي هذا الخبر بألفاظ مختلفة، ويقال هذه الآية نزلت في شأنه {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّه فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللَّهُ} إلى قوله {وَنِعْمَ أَجْرُ العَامِلِينَ}.
    {حكاية}
    (قال الفقيه) رضي اللَّه تعالى عنه: حدثنا أبي رحمه اللَّه تعالى حدثنا محمد ابن موسى بن رجاء رفعه إلى أحنف بن قيس قال: قدمت المدينة وأنا أريد عمر بن الخطاب رضي اللَّه تعالى عنه، فإذا أنا بحلقة عظيمة فإذا بكعب الأحبار يحدث الناس ويقول "لما حضر آدم الوفاة قال يا رب سيشمت بي عدوي إذا رآني ميتاً وهو منظر إلى الوقت المعلوم فقيل له يا آدم إنك تردى الجنة ويؤخر الملعون إلى النظرة ليذوق بعدد الأوّلين والآخرين ألم الموت، ثم قال آدم عليه الصلاة والسلام لملك الموت: صف لي كيف تذيقه الموت، فلما وصفه قال آدم رب حسبي حسبي، فضج الناس وقالوا يا أبا إسحاق يرحمك اللَّه حدثنا كيف يذوق الموت؟ فأبى أن يقول، فألحوا عليه فقال: إنه إذا كان آخر الدنيا وقربت النفخة فإذا الناس قيام في أسواقهم وهم يتخاصمون ويتجرون ويتحدثون إذا هم بهده عظيمة يصعق فيها نصف الخلائق فلا يفيقون منها مقدار ثلاثة أيام، والنصف الباقي من الناس تذهل عقولهم فيبقون مندهشين قياماً على أرجلهم كالغنم الفزعة حيت ترى سبعاً، فبينما الناس في هذا الهول إذا هم بهدة بين السماء والأرض غليظة كصوت الرعد القاصف فلا يبقى على ظهرها أحد إلا مات فتفنى الدنيا ولا يبقى آدمي ولا جني ولا شيطان ولا وحش ولا دابة، فهذه النظرة المعلومة التي كانت بين اللَّه تعالى وبين إبليس، ثم يقول اللَّه عز وجل لملك الموت: إني خلقت لك بعدد الأولين والآخرين أعواناً وجعلت فيك قوة أهل السموات وأهل الأرض وإني ألبسك اليوم أثواب الغضب والسخط كلها فأنزل بغضبي وسخطي إلى ملعوني ورجيمي إبليس فأذقه الموت واحمل عليه من الموت مرارة الأوّلين والآخرين من الجن والإنس أضعافاً مضاعفة، وليكن معك من الزبانية سبعون ألف ملك قد امتلئوا غيظاً وليكن مع كل زيانية سلسلة من سلاسل لظى، وانزع روحه المنتن بسبعين ألف كلابة من كلاليب لظى، وناد مالكاً ليفتح أبواب النيران فينزل ملك الموت بصورة لو نظر إليه
    أهل السموات السبع والأرضين السبع لذابوا كلهم من هول رؤية ملك الموت، فإذا انتهى إلى إبليس وزجره زجرة إذ هو صعق منها ونخر نخرة لو سمعه أهل المشرق والمغرب لصعقوا من تلك النخرة، وملك الموت يقول قف يا خبيث لأذيقك اليوم الموت بعدد من أغويت كم من عمر أدركته وكم من قرون أضللت وكم من قرناء لك بسواء الجحيم يقارنونك، وهذا الوقت المعلوم الذي بينك وبين ربك وإلى أين تهرب فيهرب الشيطان إلى المشرق فإذا هو بملك الموت بين عينيه فيغوص في البحار فإذا هو بملك الموت فترميه البحار فلا تقبله فلا يزال يهرب في الأرض
    ولا محيص ولا ملجأ ولا منجا، ثم يقوم في وسط الدنيا عند قبر آدم عليه السلام ويقول من أجلك يا آدم حوّلت معلوناً رجيماً فيا ليتك لم تخلق، فيقول لملك الموت بأي كأس تسقيني: يعني بأي عذاب تقبض روحي، فيقول ملك الموت بكأس أهل لظى: يعني مثل عذاب أهل النار، وبكأس أهل سقر وبكأس أهل الجحيم أضعافاً مضاعفة قال: وإبليس يتمرغ في التراب مرة ويصيح أخرى ويهرب مرة من المشرق إلى المغرب ومن المغرب إلى المشرق حتى إذا كان في الموضع الذي أهبط فيه يوم لعن وقد نصبت له الزبانية الكلاليب وصارت الأرض كالجمرة وتحتوشه الزبانية فيطعنونه بالكلاليب فيكون في النزع والعذاب إلى ما شاء الله، ويقال لآدم وحواء اطلعا اليوم إلى عدوّكما وانظرا ما نزل به كيف يذوق الموت، فيطلعان فإذا نظرا إلى ما هو فيه من شدّة العذاب والموت قالا ربنا قد أتممت النعمة.
    [حكاية الشاب الذي باع نفسه]
    قال الفقيه رضي اللَّه تعالى عنه: حدثني أبي رحمه اللَّه تعالى بإسناده عن عبد الواحد بن زيد رحمهم اللَّه تعالى قال: بينما أنا يوماً في مجلسنا هذا وقد تهيأنا للخروج إلى الغزو، وقد أمرت أصحابي أن يتهيئوا غداة الاثنين وقد قرأ رجل في مجلسنا {إِنَّ اللَّه اشْتَرَى مِنْ المُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمْ الجَنَّةَ} الآية، فقام غلام ابن خمس عشرة سنة أو نحو ذلك وقد مات أبوه وأورثه مالاً كثيراً، فقال يا عبد الواحد إن اللَّه اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة، فقلت نعم حبيبي، فقال لي إني أشهدك يا عبد الواحد أن قد بعت نفسي ومالي بأن لي الجنة، فقلت له إن حد السيف أشد من ذلك وأنت صبي وإني أخاف عليك أن لا تصبر وتعجز عن ذا البيع. قال: فقال لي يا عبد الواحد إني أبايع اللَّه بالجنة ثم أعجز إني أشهدك أني بايعت الله، فقال فتقاصرت إلينا أنفسنا، فقلنا صبي يفعل ونحن لا نفعل. قال: فخرج من ماله كله: يعني تصدق به، إلا فرسه وسلاحه ونفقته، فلما كان يوم الخروج كان أوّل من طلع علينا، فقال السلام عليك يا عبد الواحد، فقلت وعليك السلام ورحمة اللَّه وبركاته ربح البيع، ثم سرنا وهو معنا يصوم النهار ويقوم بالليل ويخدمنا ويرعى دوابنا ويحرسنا إذا بتنا حتى دفعنا إلى بلاد الروم، فبينما نحن كذلك يوماً إذ أقبل وهو ينادي واشوقاه إلى العيناء المرضية حتى قال أصحابي لعله وسوس الغلام أو خلط عقله حتى دنا، وجعل ينادي يا عبد الواحد لا صبر لي واشوقاه إلى العيناء المرضية، فقلت حبيبي وما هذه العيناء المرضية قال إني غفوت غفوة: يعني نمت نومة، فرأيت كأنه أتاني آت فقال اذهبُ بك إلى العيناء المرضية فهجم بي على روضة فيها شط نهر من ماء غير آسن، فإذا على شط النهر جوار عليهن من الحليّ والحلل ما لا أصف، فلما رأينني استبشرن وقلن هذا زوج العيناء المرضية قد قدم، فقلت السلام عليكن أفيكنّ العيناء المرضية؟
    فقلن نحن خدم لها وإماؤها، فتقدم أمامك فتقدمت فإذا بنهر فيه لبن لم يتغير طعمه في روضة فيها من كل زينة فيها جوار، فلما رأيتهنّ افتتنت من حسنهنّ وجمالهنّ، فلما رأينني وقلن هذا زوج العيناء المرضية قد قدم علينا، فقلت السلام عليكن أفيكنّ العيناء المرضية؟ فقلن وعليك السلام يا وليّ اللَّه نحن خدم لها وإماء لها فتقدم أمامك، فتقدمت فإذا بنهر آخر من خمر على شط الوادي فيه جوار أنسينني من خلّفت، فقلت السلام عليكنّ أفيكن العيناء المرضية؟ فقلن لا نحن إماء لها وخدم لها امض أمامك، فتقدمت فإذا بنهر آخر من عسل مصفى وروضة فيها جوار لهن من النور والجمال ما أنساني من خلفت، فقلت السلام عليكن أفيكن العيناء المرضية؟ قلن يا وليّ الرحمن نحن إماؤ لها امض أمامك، فتقدمت فوقعت في خيمة من درة مجوّفة على باب الخيمة جارية عليها من الحليّ والحلل ما لا أوصفه فلما رأتني استبشرت ونادت من الخيمة أيتها العناء المرضية هذا بعلك قد قدم، قال: فدنوت من الخيمة فدخلت فإذا هي على سريرها قاعدة وسريرها من ذهب مكلل بالدرّ والياقوت: فلما رأيتها افتتنت فيها وهي تقول مرحباً بوليّ الرحمن قد دنا لك القدوم علينا. فذهبت لأعتنقها فقالت مهلاً فإنه لم يأنِ لك أن تعانقني فإن فيك روح الحياة وأنت تفطر الليلة عندنا إن شاء اللَّه تعالى، فانتبهت يا عبد الواحد ولا صبر لي عنها. قال عبد الواحد: فما انقطع كلامنا حتى ارتفعت لنا سرية من العدوّ فحملنا عليهم وحمل الغلام. قال فعددت تسعة من العدوّ الذين قتلهم الغلام وكان هو العاشر فمررتْ به وهو يتشحط في دمه فضحك ملء فيه حتى فارق الدنيا.
    [حكاية جريج الراهب]
    (قال الفقيه) رحمه اللَّه تعالى: حدثنا الفقيه أبو جعفر رحمه اللَّه تعالى قال: حدثنا عليّ بن محمد حدثنا عبد اللَّه بن بشير بإسناده عن يزيد بن حوشب عن أبيه رضي اللَّه تعالى عنهم قال: سمعت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يقول: "لو كان جريج الراهب فقيهاً لعلم أن إجابته أمه أفضل من عبادة ربه" قال: سمعت غيره يذكر قصة جريج إنه كان راهباً في بني إسرائيل يعبد اللَّه تعالى في صومعته فجاءته أمه يوماً وهو قائم في الصلاة فنادته يا جريج فلم يجيها لاشتغاله بصلاته، فقالت ابتلاك اللَّه بالمومسات: تعني الزواني، وكانت امرأة في تلك البلدة خرجت لحاجة لها فأخذها راع فواقعها عند صومعة جريج فحملت، وكان أهل تلك البلدة يعظمون أمر الزنا فظهر أمر تلك المرأة في البلد، فلما وضعت حملها أخبر الملك أن امرأة قد ولدت من الزنا، فدعاها فقال من أين هذا الولد؟ قالت من جريج الراهب قد واقعني، فبعث الملك أعوانه إليه وهو في الصلاة فنادوه فلم يجبهم حتى جاءوا بالمرازب وهدموا الصومعة وجعلوا في عنقه حبلاً فجاؤا به إلى الملك، فقال له الملك إنك قد جعلت نفسك عابداً ثم تهتك حرم الناس.
    وتتعاطى ما لا يحل لك؟ قال: أي شيء فعلت؟ قال إنك قد زنيت بامرأة كذا، فقال لم أفعل فلم يصدّقوه وحلف على ذلك فلم يصدّقوه فقال ردّوني إلى أمي، فردّوه إلى أمه فقال لها يا أماه إنك قد دعوت اللَّه عليّ فاستجاب اللَّه دعاءك فادعي اللَّه أن يكشف عني بدعائك فقالت أمه. اللهم إن كان جريج إنما أخذته بدعوتي فاكشف عنه فرجع جريج إلى الملك فقال أين هذه المرأة وأين الصبي، فجاءوا بالمرأة والصبي فسألوها فقالت المرأة بلى هذا الذي فعل بي، فوضع جريج يده على رأس الصبي وقال بحق الذي خلقك أن تخبرني من أبوك؟ فتكلم الصبي بإذن اللَّه وقال إن أبي فلان الراعي. فلما سمعت المرأة ذلك اعترفت بالحق وقالت قد صدقت وكنت كاذبة وإنما فعل بي فلان الراعي. وفي رواية: إن المرأة كانت حاملاً لم تضع حملها بعد فقال لها أين أصابك؟ قالت تحت شجرتك وكانت الشجرة تحت صومعته، قال جريج أخرجوني إلى تلك الشجرة، ثم قال يا شجرة أسألك بالذي خلقك أن تخبريني من زنى بهذه المرأة؟ فقال كل غصن منها راعي الضأن، ثم طعن بأصبعه في بطنها وقال يا غلام من أبوك؟ فنادى من بطنها أبي راعي الضأن، فاعتذر الملك إلى جريج الراهب وقال ائذن لي أن أبني صومعتك بالذهب؟ قال لا، فبالفضة؟ قال لا، ولكن بالطين كما كانت فبنوها بالطين كما كانت: وروى إبراهيم عن مهاجر بن مجاهد قال؟ ما تكلم صبيّ في حال صغره وهو طفل إلا أربعة: عيسى ابن مريم عليهما السلام، وصاحب الأخدود وصاحب جرير الراهب وصاحب يوسف عليه السلام وهو قوله سبحانه وتعالى {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا} والحمد لله رب العالمين، وصلاته وسلامه على أشرف المرسلين سيدنا محمد خاتم النبيين والمرسلين وعلى آله وصحبه وأزواجه وذريته أجمعين، وحسبنا اللَّه ونعم الوكيل آمين.
    وهذا نقل من باب الدعاء والتسبيحات:
    عن الحسن بن عليّ رضي اللَّه تعالى عنهما أنه قال: أنا ضامن لمن قرأ عشرين آية من شرّ كل شيطان مارد وسلطان ظالم ولصّ عاد وسبع ضار أن لا يضره، وهي آية الكرسي، وثلاث آيات من سورة الأعراف، وعشر آيات من أوّل سورة {وَالصَّافَّاتِ صَفّاً} وثلاث من سورة الرحمن {يَا مَعْشَرَ الجِنِّ وَالإِنسِ} إلى قوله {فَلا تَنتَصِرَانِ} وثلاث آيات من آخر سورة الحشر {هُوَ اللَّه الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ المَلِكُ} إلى آخرها. وهذه الآيات المذكورة:
    [بسم اللَّه الرحمن الرحيم] {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ العَلِيُّ العَظِيمُ}.
    [بسم اللَّه الرحمن الرحيم] {إِنَّ رَبَّكُمْ اللَّه الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى العَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّه رَبُّ العَالَمِينَ، ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ المُعْتَدِينَ، وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَةَ اللَّه قَرِيبٌ مِنْ المُحْسِنِينَ}.
    [بسم اللَّه الرحمن الرحيم] {وَالصَّافَّاتِ صَفّاً، فَالزَّاجِرَاتِ زَجْراً، فَالتَّالِيَاتِ ذِكْراً، إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ، رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ المَشَارِقِ، إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الكَوَاكِبِ، وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ، لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى المَلإِ الأعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، دُحُوراً وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ، إِلا مَنْ خَطِفَ الخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ}.
    [بسم اللَّه الرحمن الرحيم] {يَامَعْشَرَ الجِنِّ وَالإِنسِ إِنْ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ فَانفُذُوا لا تَنفُذُونَ إِلا بِسُلْطَانٍ، فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ، يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلا تَنتَصِرَانِ}.
    [بسم اللَّه الرحمن الرحيم] {هُوَ اللَّه الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ المَلِكُ القُدُّوسُ السَّلامُ المُؤْمِنُ المُهَيْمِنُ العَزِيزُ الجَبَّارُ المُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّه عَمَّا يُشْرِكُونَ، هُوَ اللَّه الخَالِقُ البَارِئُ المُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ}
    قال ابن عباس رضي اللَّه تعالى عنهما: كان يهودي بالشام قرأ التوراة في يوم السبت ونشرها فنظر فيها فوجد نعت الرسول وصفته في أربعة مواضع فقطعها وحرقها، ثم في السبت الثاني وجدهما في ثمانية مواضع فقطعها وأحرقها، وفي السبت الثالث وجدهما في اثني عشر موضعاً، فتفكر وقال إن قطعتها صارت التوراة كلها نعتاً له فسأل أصحابه: من محمد؟ قالوا كذاب خير لك أن لا تراه ولا يراك، فقال بحق توراة موسى لا تمنعوني من زيارته، فأذنوا له فركب راحلته وسار مرحلة بالليل والنهار، فلما دنا من المدينة كان أوّل من استقبله سلمان وكان حسن الوجه فظن أنه محمد صلى اللَّه عليه وسلم وكان قد توفي رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم منذ ثلاثة أيام فبكى سلمان وقال أنا عبده، قال أين هو؟ فتفكر سلمان وقال إن قلت إنه مات رجع وإن قلت إنه حي أكون كذاباً، فقال له تعال معي حتى ندخل على أصحابه، ودخل المسجد وأصحابه كلهم محزونون، فقال اليهودي السلام عليكم يا محمد ظناً أنه فيهم، فهاج البكاء من الأصحاب وقالوا من أنت لقد جددت جراحتنا لعلك غريب أما علمت أنه مات منذ ثلاثة أيام، فصاح وقال واحزناه واضياع سفري يا ليت أمي لم تلدني وليتها ولدتني ولم أقرأ التوراة وإذا قرأتها لم أجد نعته وإذا وجدته ليتني رأيته، ثم قال: أعلىّ هنا يصف لي نعته؟ فقال نعم، قال ما اسمك؟ قال علي، قال إني وجدت اسمك في التوراة، فقال علي كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم لا طويلاً ولا قصيراً مدّور الرأس، واضح الجبين، أدعج العينين أزج الحاجبين، إذا ضحك خرج النور من ثناياه، ذا مسربة، شثن الكفين، أخمص القدمين، عظيم المشاش، يبن كتفيه خاتم النبوة، قال صدقت يا عليّ هكذا نعته في التوراة هل بقيّ منه ثوب أشمه؟ قال نعم اذهب يا سلمان إلى فاطمة وقل لها ابعثي إليّ جبة أبيك رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فجاء سلمان إلى باب فاطمة فقال يا باب فخر الأنبياء ويا باب زين الأولياء، والحسن والحسين يبكيان، فقرع الباب فقالت فاطمة من يقرع باب اليتامى؟ قال أنا سلمان، فأخبرها بما قال عليّ، فبكت فاطمة فقالت من الذي يلبس جبة أبي؟ فقص عليها القصة فأخرجت الجبة وقد خيطت منها سبعة مواضع بالليف، فأخذها علي وشمها ثم الصحابة، ثم أخذها اليهودي وشمها فقال ما أطيب هذه الرائحة، ثم قام إلى قبره فرفع رأسه إلى السماء وقال أشهد يا رب أنك واحد أحد فرد صمد، وأشهد أن صاحب هذا القبر رسولك وحبيبك وصدقته بما قال، اللهم إن قبلت إسلامي فاقبض روحي الساعة، فخر ميتاً فغسله علي ودفنه في البقيع رحمه اللَّه تعالى وحشرنا في زمرة الصالحين آمين.
    Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

    SOLIDARITI MENERUSKAN PERJUANGAN

    INI ZAMANNYA