من أعمال القلوب الواجبة الإخلاص وهو إخلاص عمل الطاعة لله تعالى أي أن لا يقصد بعمل الطاعة محمدة الناس والنظر إليه بعين الإحترام والتعظيم والإجلال.
قال الله تعالى :{ وما أُمروا إلا ليعبدوا اللهَ مخلصينَ لهُ الدينَ حنفاءَ ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاةَ وذلكَ دينُ القيّمة } سورة البيّنة/5
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : "إنّ الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه قيل: وما إتقانه يا رسول الله ؟ قال : يخلصه من الرياء والبدعة."
إنّ الله تبارك وتعالى جعل الإخلاص شرطا لقبول الأعمال الصالحة. والإخلاص هو العمل بالطاعة لله وحده. والمُخلص هو الذي يقوم بأعمال الطاعة من صلاة وصيام وحج وزكاة وصدقة وقراءة للقرءان وغيرها ابتغاء الثواب من الله وليس لأن يمدحه الناس ويذكروه.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل سأله بقوله :" يا رسولَ الله الرجلُ يبتغي الأجرَ والذكرَ مَا لَه؟" قال:" لا شيء له" فسأله الرجل مرة ثانية " الرجل يبتغي الأجر والذكر ما له؟" قال :" لا شيء له" حتى قال ذلك ثلاث مرات ثم قال :" إنّ الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصا له وابتُغي به وجهه" رواه الحاكم. أي أنّ من نوى بعمل الطاعة الأجرَ من الله والذكرَ من الناس فليس له من الثواب شيء.
قال تعالى :" مَثَلُ الذين ينفقون أموالَهم في سبيلِ اللهِ كمثلِ حبةٍ أنبتَتْ سبعَ سنابلَ في كلِّ سُنبلةٍ مائةُ حبةٍ واللهُ يضاعفُ لمن يشاءُ والله واسعٌ عليم}. سورة البقرة/261.
فالدرهم الذي يدفعه المسلم في الجهاد يضاعفه الله إلى سبعمائة ضعف ويزيد الله لمن يشاء. وهذا الحكم وهو مضاعفة الأجر عام للمصلي والصائم والمزكي والمتصدق وقارئ القرآن والآمر بالمعروف والناهي عن المنكر وغيرهم بشرط الإخلاص لله تعالى الذي هو أساس العمل.
أما الرياء فهو العمل بالطاعة طلباً لمحمدة الناس. فمن عمِل عَمَل طاعةٍ وكانت نيته أن يمدحه الناس وأن يذكروه بأفعاله فليس له ثواب على عمله هذا بل وعليه معصية كبيرة ألا وهي معصية الرياء.
وقد سمّى الرسول عليه الصلاة والسلام الرياءَ الشركَ الأصغر، شبهه بالشرك الأكبر لعظمه. فالرياء ليس شركاً يخرج فاعله من الإسلام بل هو ذنب من أكبر الكبائر.
الجهاد هذه الفريضة العظيمة
قال الله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا هل أدلّكم على تجارة ننجيكم من عذاب أليم، تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون، يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الانهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم، وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشّر المؤمنين } سورة الصف.
إنّ الجهاد نوعان : جهاد أعداء الاسلام بالسِنان وجهاد بالبيان. وقد جاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبيان أولا أربعة عشر عاماً قبل أن يؤذن له بالقتال ثم استمر جهاد الرسول بالبيان والسِنان الى وفاته صلى الله عليه وسلم. والسِنان هو الرمح، وجميع السلاح هو في حكم السِنان. وكان جهاد رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبيل الله لنشر دين الله وقد غزا بنفسه سبع عشرة غزوة.
النية الخالصة :
لقد ذكر الله سبحانه وتعالى أمر الجهاد في القرآن الكريم وأمرنا بالقتال في سبيله والدفاع عن دينه وأمرنا بالاخلاص في أعمال الطاعة. فالمجاهد يجب عليه أن يكون مخلصاً بعمله، لا يقاتل من أجل أن ينظر اليه الناس بعين التعظيم او ليُقال عنه أنه شجاع أو شديد في المعارك. فينبغي أن يكون عمله ابتغاء مرضاة الله حتى يكون عند الله من المقبولين المرضيين. وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يُقاتِل شجاعة ويقاتل حميةً ويقاتل رياءً أيّ ذلك في سبيل الله ؟ فقال رسول الله " من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله " متفق عليه. فمن قاتل لنصرة الدين فهو من المجاهدين في سبيل الله وإذا قُتل فهو إن شاء الله شهيد. والشهيد لا يبلى جسده في القبر وتفوح رائحة المسك من جرحه يوم القيامة.
أحاديث في فضل الجهاد :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " والذي نفسي بيده لا يُكْلَم (يُجرح) احد في سبيل الله والله أعلم بمن يُكلم في سبيل الله إلا جاء يوم القيامة واللون لون الدم والريح ريح المسك" رواه البخاري.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لولا أن اشق على امتي ما قعدت خلف سرية ولَوَدِدْتُ أني أقتل في سبيل الله ثم أحيا ثم أُقتل ثم أحيا ثم أُقتل" رواه البخاري. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " موضع سَوْطٍ في الجنة خير من الدنيا وما فيها ولغدوة في سبيل الله أو رَوْحَةً خير من الدنيا وما فيها" رواه البخاري. وعن جابر رضي الله عنه قال : قال رجل للنبي يوم أُحد " أرأيتَ إن قُتلتُ فأين أنا ؟ قال " في الجنة" فألقى تمْراتٍ كنّ في يده ثم قاتل حتى قُتل" متفق عليه.
التجارة المنجية
قال الله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم } الصف.
أخي المسلم، إذا ما تمعنت في حقّية هذه التجارة المنجية التي بيّنها الله لنا في القرآن الكريم لرأيت أنها تقوم على دعائم اساسية لا بدّ منها : أولا الايمان بالله ورسوله لقوله تعالى { تؤمنون بالله ورسوله} فبدون الايمان بالله ورسوله لا يتقبل الله من العبد أي عمل صالح. قال الله تعالى { ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينّه حياة طيبة ولنجزينّهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون} سورة النحل.
ولقد جاء يوما رجل الى الرسول صلى الله عليه وسلم فقال " يا رسول الله أُسلم أو أُقاتل" فقال عليه الصلاة والسلام " أسلِم ثم قاتِل" فأسلم الرجل ثم قاتل فقُتل فقال عليه الصلاة والسلام " عَمِل قليلا وأُجِرَ كثيرا" رواه البخاري. والفضل في نيله الثواب العظيم والأجر الكثير يعود للإسلام لأنه لو بقي على الكفر وقاتل ثم قُتل لمات كافرا وما هو بشهيد.
والدعامة الثانية لهذه التجارة الرابحة التي أعدّ الله لصاحبها جنات تجري من تحتها الأنهار هي الجهاد في سبيل الله بالنفس والمال لقوله تعالى { وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم }.
أعداء الاسلام المتكالبون
أخي المسلم، إعلم أن الجهاد في سبيل الله يكون ببذل الاموال والانفس لرفع راية الاسلام ولتكون كلمة الله هي العليا أي كلمة الدين وتكون كلمة الذين يكيدون للاسلام هي السفلى.
وإنّ أعداء الإسلام كُثُر وهم جميعا متكالبون ومتربصون يحيكون المؤامرات ضدنا ويدبرون المكائد سراً وعلانية. ومن أخطر هؤلاء الأعداء اليهود لعنة الله عليهم الذين ما برحوا يخططون ويعملون لضرب المسلمين واغتصاب اراضيهم ونهب خيراتهم وتشتيت صفوفهم وهم في مخططاتهم سائرون وكثير من المسلمين عن ذلك غافلون. فهلا هبّ لصدهم المخلصون العاملون واعدّوا لهم ما استطاعوا من قوة.
إخوة الإسلام، لا تقولوا ما لنا على قتالهم حولٌ ولا قوة. ولا تقولوا اين نحن من اسلحتهم ومعداتهم وقدراتهم، بل تذكروا تلك الحروب الصليبية والجيوش الجرارة التي اجتاحت أراضي المسلمين في الماضي وبقيت فيها عشرات السنين لا بل المئات إلى أن ظهر رجل يدعو إلى الله ويضرب بسيف الحق أعاد الله على يديه أراضي المسلمين ونصر دينه وأذلّ أعداءه ألا وهو صلاح الدين الأيوبي رضي الله عنه. واعلموا أن هذا الاجتياح الصهيوني ما هو إلا امتداد لتلك الحروب. وهنا نذكر أنه قبل إحدى الحروب التي كانت بين اليهود والمسلمين في الماضي القريب قامت مظاهرات في إحدى العواصم الاوروبية كُتِبَ على لافتاتها وعلى صناديق التبرعات اليهودية جملة واحدة " قاتلوا المسلمين " ونذكر أيضا أنّ رئيس وزراء إحدى الدول الاوروبية آنذاك قال ذات مرة " ما دام هذا القرآن موجوداً بين أيدي المسلمين فلن تستطيع أوروبا السيطرة على الشرق".
فالحذر الحذر ايها المسلمون من اليهود وأمثالهم وعملائهم وما عليكم إلا أن تتمسكوا بكتاب الله وكلام رسول الله وتسلكوا طريق الجهاد بالمال والنفس وتذكروا انّ الله لا يخلف الميعاد وانه على كل شيء قدير.
اللهم إنا نسألك أن تجعلنا من المجاهدين للذوذ عن دينك ونسألك أن ترزقنا الشهادة في سبيلك فإنّ العيش عيش الآخرة.
فيا أخي المسلم، بادر إلى الطاعات والأعمال الصالحة بإخلاص في النية وثبات في العزيمة وإياك والرياء فإنه يبطل ثواب العمل ويستوجب صاحبه العذاب في النار. تزود من حياتك للمعاد وقم لله واجمع خير زاد ولا تركن إلى الدنيا طويلا فإن المال يجمع للنفاد.
ملخص لهذا المقال:
* الإخلاص شرط لقبول الأعمال
* الرياء معصية من الكبائر
* مرتكب المعصية الكبيرة لا يكفر ما لم يحلها اللهم اجعلنا من عبادك المخلصين الذين يفعلون الطاعات ابتغاء مرضاتك واجعلنا من عبادك التوابين المتطهرين.