(قال الفقيه) رحمه اللَّه تعالى: حدثنا أبو جعفر حدثنا عليّ بن أحمد حدثنا محمد بن الفضل حدثنا يزيد بن هرون عن هشام بن أبي هشام عن محمد بن محمد بن الأسود عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي اللَّه تعالى عنه قال: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم "أعطيت أمتي في شهر رمضان خمس خصال لم تعط أمة قبلها: خلوف فم الصائم أطيب عند اللَّه من ريح المسك وتستغفر لهم الملائكة حتى يفطروا، وتصفد فيه مردة الشياطين فلا يخلصون فيه إلى ما كانوا يخلصون في غيره، ويزين اللَّه كل يوم جنته ويقول لها يوشك عبادّي الصالحون أن تلقى عنهم المؤنة والأذى ويصيروا إليك ويغفر لهم في آخر ليلة، قيل يا رسول اللَّه أهي ليلة القدر؟ قال لا، ولكن العامل إنما يوفى أجره إذا قضى عمله".
(قال الفقيه) رحمه اللَّه تعالى: حدثنا محمد بن الفضل حدثنا محمد بن جعفر حدثنا إبراهيم بن يوسف حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي هريرة رضي اللَّه تعالى عنه قال كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يبشر أصحابه ويقول: "قد جاءكم شهر رمضان شهر مبارك قد افترض اللَّه عليكم صيامه تفتتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيها أبواب الجحيم وتغل فيه مردة الشياطين وفيه ليلة القدر خير من ألف شهر" وروى عن الأعمش عن خيثمة قال: كانوا يقولون: من رمضان إلى رمضان والحج إلى الحج والجمعة إلى الجمعة والصلاة إلى الصلاة كفارة لما بينهن ما اجتنبت الكبائر.
(قال الفقيه) رحمه اللَّه تعالى: حدثنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد حدثنا فارس حدثنا محمد بن الفضل قال حدثنا أبو وهب عبد اللَّه بن بكر حدثنا إياس عن علي بن يزيد عن سعيد بن المسيب عن سلمان الفارسي رضي اللَّه تعالى عنه قال: "خطبنا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم آخر يوم من شعبان فقال: "أيها الناس إنه قد أظلكم شهر عظيم مبارك، شهر فيه ليلة القدر وهي خير من ألف شهر، شهر فرض اللَّه صيامه وجعل قيام ليله تطوّعا، فمن تطوّع فيه بخصلة من الخير كان كمن أدّى فريضة فيما سواه، ومن أدّى فريضة فيه كان كمن أدّى سبعين فريضة فيما سواه، وهو شهر الصبر والصبر ثوابه الجنة، وهو شهر المواساة، وشهر يزاد فيه رزق المؤمن، من فطر فيه صائماً كان له عتق رقبة ومغفرة لذنوبه، قلنا يا رسول اللَّه ليس كلنا يجد ما يفطر به الصائم؟ قال يعطي اللَّه هذا الثواب لمن يفطر صائما على مذقة لبن أو تمرة أو شربة ماء، ومن أشبع صائم كان له مغفرة لذنوبه وسقاه ربه من حوضي شربة لا يظمأ بعدها حتى يدخل الجنة، وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيء، وهو شهر أوّله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار، ومن خفف عن مملوكه فيه أعتقه اللَّه من النار".
(قال الفقيه) رحمه اللَّه تعالى: حدثنا أبي رحمه اللَّه تعالى حدثنا أبو الحسن الفراء بإسناده عن ابن مسعود رضي اللَّه تعالى عنه قال: ما من عبد صام رمضان في إنصاف وسكوت وذكر اللَّه تعالى وأحلّ حلاله وحرّم حرامه ولم يرتكب فيه فاحشة إلا انسلخ من رمضان يوم ينسلخ إلا وقد غفرت له ذنوبه كلها، ويبني له بكل تسبيحة وتهليلة بيت في الجنة من زمردة خضراء في جوفها ياقوتة حمراء، في جوف تلك الياقوتة خيمة من درّة مجوّفة فيه زوجة من الحور العين عليها سواران من ذهب موشح بياقوتة حمراء تضيء لها الأرض. وبهذا الإسناد عن ابن مسعود رضي اللَّه تعالى عنه عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال وقد دنا شهر رمضان "لو يعلم العباد ما في رمضان لتمنت أمتي أن يكون سنة. فقال رجل من خزاعة حدثنا يا رسول اللَّه بما فيه؟ قال إن الجنة لتزين لرمضان من الحول إلى الحول، فإذا كان أوّل ليلة من رمضان هبت ريح من تحت العرش فصفقت ورق أشجار الجنة فتنظر الحور إلى ذلك ويقلن يا رب اجعل لنا في هذا الشهر من عبادك أزواجاً تقرّ أعيننا بهم وتقر أعينهم بنا، فما من عبد صام رمضان إلا زوّج زوجتين من الحور العين في خيمة من درّة مجوفة مما نعت اللَّه تعالى في كتابه {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الخِيَامِ} وعلى كل امرأة منهن سبعون حلة ليس فيها حلة على لون الأخرى ويعطى سبعين لوناً من الطيب، وكل امرأة منهنّ على سرير من ياقوتة حمراء منسوجة بالدر، على كل سرير سبعون فراشا بطائنها من استبرق، لكل امرأة سبعون وصيفة، هذا بكل يوم صامه من رمضان سوى ما عمل من الحسنات" وعن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال "رجب شهر أمتي وفضله على سائر الشهور كفضل أمتي على سائر الأمم، وشعبان شهري وفضله على سائر الشهور كفضلي على سائر الأنبياء، ورمضان شهر اللَّه وفضله على سائر الشهور كفضل اللَّه على خلقه".
(قال الفقيه) رضي اللَّه تعالى عنه: قد اشترط النبي صلى اللَّه عليه وسلم في قيام الليل وصيام النهار الإيمان والاحتساب، والإيمان هو التصديق بما وعد اللَّه له من الثواب، والاحتساب أن يكون مقبلا عليه خاشعاً لله تعالى، فإذا أراد العبد أن ينال الثواب والفضائل التي ذكرها النبي صلى اللَّه عليه وسلم فينبغي أن يعرف حرمة الشهر ويحفظ فيه لسانه من الكذب والغيبة والفصول، ويحفظ جوارحه عن الخطايا والزلل، ويحفظ قلبه عن الحسد وعداوة المسلمين، فإذا فعل ذلك فينبغي أن يكون خائفا أن اللَّه يقبل منه أو لا يقبل. وقد ذكر عن بعض الحكماء أنه كان يقول: "إلهي قد ضمنت لصاحب المصيبة في الدنيا الأجر وفي الآخرة الثواب، إلهي إن رددت علينا هذا الصوم فلا تحرمنا أجر المصيبة يا معروفا بالمعروف" روى أبو ذر الغفاري رضي اللَّه تعالى عنه قال "صمنا مع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فلما كان ليلة الثالث والعشرين قام وصلى حتى مضى ثلث الليل، ثم لما كانت ليلة الرابع والعشرين لم يخرج إلينا، فلما كانت ليلة الخامس والعشرين خرج إلينا وصلى بنا حتى مضى شطر الليل، فقلنا لو نفلتنا ليلتنا هذه؟ فقال إنه من خرج وقام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة، ثم لم يصلّ بنا في الليلة السادسة والعشرين، فلما كانت ليلة السابع والعشرين قام وجمع أهله وصلى بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح؟ قلنا وما الفلاح قال السحور" وعن عائشة رضي اللَّه تعال عنها "إن النبي صلى اللَّه عليه وسلم خرج في أوّل جوف الليل في رمضان وصلى في المسجد وصلى الناس بصلاته فأصبح الناس يتحدثون بذلك، وكثر الناس في الليلة الثانية فصلى وصلوا بصلاته، فلما كانت الليلة الثالثة كثر الناس حتى عجز المسجد عن أهله فلم يخرج إليهم حتى خرج لصلاة الفجر، فلما صلى الفجر أقبل على الناس وقال: إنه لم يخف علي شأنكم الليلة ولكني خشيت أن يعزم عليكم صلاة الليل فتعجزوا عن ذلك، قالت عائشة رضي اللَّه تعالى عنها وكان النبي صلى اللَّه عليه وسلم يرغبهم في قيام رمضان من غير أن يأمرهم بعزيمة فتوفى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم والأمر على ذلك في خلافة أبي بكر، وصدرا من خلافة عمر حتى جمعهم عمر بن الخطاب على أبيّ بن كعب رضي اللَّه تعالى عنهما".