علامات يوم القيامة الصغرى
إنّ علامات الساعة هي: الدلائل والوقائع التي تقع قبل قيام الساعة، وتدل على اقترابها. لحكمة الله تعالى أنه لم يخبر أحداً بوقت قيام الساعة؛ لينال كل عبد جزاءه وعقابه بعدل مطلق، فقيام الساعة من الأمور الغيبة التي لا يعلم وقتها إلا الله وحده: " إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ ". وتقسم تلك الأمارت (العلامات) إلى علامات صغرى وعلامات كبرى، حيث
ذكر القرآن الكريم عدداً منها، وأشار النبي - عليه الصلاة والسلام- إليها و فصل الحديث عنها .
فرحمة الله تعالى اقتضت أن يحذرنا بهذه العلامات لنعتبر ونتجهز لقيام الساعة، فمن حاد عن طريق المستقيم عليه أن يعود إليه قبل فوات الأوان . وعلامات الساعة الصغرى هي: أشراط كثيرة تسبق تلك الكبرى، وتقسم لجزئين: جزء منها قد ظهر وانقضى قديماً، مثل: بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم- ووفاته، وانشقاق القمر، وموت الصحبة الكرام - رضوان الله عليهم- وغيرها . " اقتربت الساعة وانشق القمر " .
والجزء الآخر ظهر بعضه، ويستمر في الظهور إلى يومنا هذا؛ كتطاول البنيان، وعقوق البنت لأمها، وتأمين الخائن، وتخوين الأمين، وتصديق الكاذب، وتكذيب الصادق، وانتشار الكذب، وسياسة الرويبضات للناس، وتكلمهم في أمر العامة، وتأمير السفهاء، وبذلك تضيع الأمانة، وكذلك موت العلماء، وظهور الجهل، والفساد، والفتن، والفواحش بكثرة، وكثرة القتل، فلا يدري المقتول لم قتل، وقطيعة الأرحام، وسوء الجوار، كثرة موت الفجأة، وكثرة النساء مقارنة بأعداد الرجال القليلة، وكثرة الكوارث الطبيعية كالزلازل، واستحلال الخمور والمعازف، وترك الحكم بالكتاب والسنة النبوية، وغيرها من الأشراط، وكلها بائنة الوضوح في عصرنا وكثيرة الانتشار .
وكذلك الكبرى لم تظهر بعد كالنار التي ستخرج من اليمن، وطلوع الشمس من المغرب، وغيرها من العلامات التي ذكرها النبي الكريم – عليه الصلاة والسلام- إنها فتن كبيرة يفتن بها الكثير من الناس، إلا من رحم الله، فمن لجأ الى ربه وعمل صالحاً واتبع هدي نبيه وقاه الله تعالى تلك الفتن العظيمة وجنبه الوقوع بها وقد بينت الاحاديث النبوية كيف يتجنبها كل من شهدها. فنعوذ بالله تعالى من كل الفتن صغيرها وكبيرها، ما ظهر منها وما بطن .
إن على المسلم أن يتخذ الحيطة والحذر، ويستعد لقيام الساعة فلا يدري متى تتظهر علامات الساعة الكبرى، فقد تظهر جملة واحدة، وقد تكون قريبة الوقوع، حينها لن تنفع التوبة والأوبة إلى الله تعالى " حتى إذا جاءتهم الساعة بغتة قالوا يا حسرتنا على ما فرطنا فيها ".
علامات يوم القيامة الكبرى
يوم القيامة هو نهاية الحياة الدنيا ونهاية العالم كما نعرفه، ويكون بداية حساب الناس أمام الله سبحانه وتعالى، وسُمِي بهذا الاسم لأن الناس يقومون فيه من موتهم حتى تتم محاسبتهم على أفعالهم. ويوم القيامة لا يأتي فجأة، أي أنه لن ينتهي العالم دون أن ندري، بل إن له علامات كثيرة تسبقه حتى يعرف الناس انه اقترب، أمَّا موعده فلا يعرفه غير الله عزَّ وجل، في قوله تعالى (يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلا هُوَ)، وأيضاً كما جاء في الحديث عندما سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه فقال (وما المسؤول عنها بأعلم من السائل)، ومع ذلك فقد وضَّح لنا رسولنا الكريم أن هنالك علامات ليوم القيامة أو كما تُسمَّى علامات الساعة، وهي على نوعين، علامات الساعة الصغرى وعلامات الساعة الكبرى، ونحن هُنا بصدد الحديث عن العلامات الكبرى ليوم القيامة أو علامات الساعة الكبرى، وهي العلامات التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي روي عن حذيفة بن أسيد الغفاري في صحيح مسلم: اطلع النبي صلى الله عليه وسلم علينا ونحن نتذاكر. فقال " ما تذاكرون؟ " قالوا: نذكر الساعة. قال " إنها لن تقوم حتى ترون قبلها عشر آيات ". فذكر الدخان، والدجال، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى عليه السلام، ويأجوج ومأجوج. وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب. وآخر ذلك نار تخرج من اليمن، تطرد الناس إلى محشرهم".
عشر آيات ذكرها الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام؛ لن تقوم الساعة حتى تظهر جميعها، ولم يأتِ ذِكرها في الحديث على الترتيب، ولم يرد ترتيباً مُعيَّناً لها إلا في بعض العلامات التي تم ذِكرُها متتالية، ولكن العلماء اجتهدوا وقاموا بترتيب هذه العلامات فكان الترتيب كما يلي:
1.خروج المسيح الدجَّال: وأفضل وصفٍ له هو وصف الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف (رأيت رجلا جعدا قططا أعور عين اليمنى كأن عينه عنبة طافية كأشبه من رأيت من الناس بابن قطن واضعا يديه على عواتق رجلين يطوف بالبيت فقلت من هذا فقالوا هذا المسيح الدجال)، هو أجعد الرأس أعور العين اليمنى، وسُمِّيَ بالمسيح لأنه ممسوح العين اليمنى؛ ولأنه يمسح الأرض في وقتٍ قصير. ويُعدُّ المسيح الدجَّال من أكبر الفِتَن على مرِّ التاريخ، يخرج ومعه جنة ونار، ناره جنة وجنَّته نار، يدَّعي أنه يُحيي الموتى ولكنه في الحقيقة يجعل الجنَّ يتشكَّل على هيئة الميِّت لِيَفتِن به أهله، وهو مُسلَّطٌ على رجلٍ واحدٍ فقط.
2.نزول سيدنا المسيح عليه السلام: بعد أن يعيثَ الدجَّال في الأرض فساداً؛ يُنزلُ الله سبحانه وتعالى المسيح عيسى بن مريم ليُقاتل الدجَّال، فيُطارده في الأرض حتى يقتله في نهاية المطاف؛ ويعُمُّ الأرض الأمان والسلام لأربعين، ثم يخرج يأجوج ومأجوج.
3.خروج يأجوج ومأجوج: وهم قومٌ محبوسون خلف سدٍّ منيع، يحاولون منذ القِدم أن يحفروا في السدِّ ليخرجوا إلى الناس، وكلما يفتحوا فيه فتحة يتركوها لليوم التالي فيأتون ويحدوها قد أُغلِقت، حتى يأتي يوم يقول لهم قائدهم اتركوها وغداً ان شاء الله نكمِلها، فيأتون في اليوم التالي ويجدونها كما تركوها، فيُكمِلون الحفر حتى يخرجوا. يخرجون على الناس بأعدادٍ كبيرة، حتى أن اولَّهم يمرُّ على بحيرة طبرية فيشرب منها؛ ويأتي آخرهم فيقول كان هُنا ماء. ويعيثون في الأرض فساداً ويقتلون الكثير، وتكون نهايتهم بعد طغيانهم بداءٍ يرسله الله عليهم يُصيب أعناق الخِراف فيموتون، ثم ينزل الله مطراً غزيراً يغسل الأرض من جثثهم التي تفوح رائحتها.
4.خروج الدابة: وهي دابة عظيمة تخرج من الرض وتكلم الناس بلغتهم وتعِظهم كم جاء في قوله تعالى (وإذا وقع القول عليهم اخرجنا لهم دابّة من الأرض تكلمهم ان الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون)، وإذا رأت كافِراً ختمت على جبينه "كافر" وإن رأت مؤمِناً ختمت على جبينه "مؤمن" حتى أن الناس ينادي بعضهم بعضاً يا مؤمن ويا كافر. وقيل إنها تتزامن مع طلوع الشمس من مغربها ولا يُعرف من يأتي أولاً.
5.طلوع الشمس من مغربها: وهي أن تُشرِق الشمس من المغرب، ويدوم هذا الشروق لمدَّة ثلاثة أيام ثم تعود لتشرق من المشرق، وعند هذه العلامة يُغلقُ باب التوبة، فلا ينفع استغفارٌ ولا توبة بعدها، ولكن لا تنتهي الحياة في هذه المرحلة.
6.ظهور الدخان: وهو دخانٌ كثيف، فيرى الناس ان السماء كلها قد امتلأت بالدخان ويبدؤون بالصلاة والاستغفار والتوبة ولكن لا تنفعهم؛ فقد أُغلِق باب التوبة.
7.حدوث ثلاثة خسوفات: وهي خسوفات عظيمة تبتلع الناس، يحصل واحدٌ في المشرق وواحدٌ في المغرب وواحدٌ في جزية العرب، وهُنا تأتي ريحٌ طيبة تقبض كل من في قلبه لو مِثقال ذرَّةٍ من إيمان، ولا يبقى على الأرض إلا شرار الخلق.
8.نار الحشر: وهي نار تخرج من جهة اليمن تدفع الناس لتحشرهم، وتبقى كذلك حتى يجتمعون في أرض الشام وهي أرض المحشر. هذه عشر علامات، حيث أن كل خسفٍ يعتبر علامة