الآية
|
الكلمة
|
التفسير
|
1
|
أعوذ
|
أعْـتصِـمُ وأستجير
|
1
|
بربّ
النـّـاس
|
مُرَبِّـيهِمْ ومُدبّر أحوالهم
|
2
|
مَـلِـكِ
النّـاس
|
مالِكِهِمْ مِلـْـكًـا تـامّـا
|
3
|
إله النّاس
|
مَعْبُودِهِم الحقّ
|
4
|
الوَسواس
|
المُوَسْوس جـِنـِّـيّـا أو
إنـْـسِـيّـا
|
4
|
الخنّاس
|
المُـتـَوَاري المُـخْـتـَفي
|
6
|
الجـِنّة
|
الجـِـنّ
|
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء و المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين
أهلا وسهلا بكم
إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التفضل بزيارة صفحة التعليمات كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل ، إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "إن إبليس قال لربه: بعزتك وجلالك لا أبرح أغوي بني آدم مادامت الأرواح فيهم - فقال الله: فبعزتي وجلالي لا أبرح أغفر لهم ما استغفروني"
اللّهم طهّر لساني من الكذب ، وقلبي من النفاق ، وعملي من الرياء ، وبصري من الخيانة ,, فإنّك تعلم خائنة الأعين ,, وما تخفي الصدور
اللهم استَخدِمني ولاَ تستَبدِلني، وانفَع بيِ، واجعَل عَملي خَالصاً لِوجهك الكَريم ... يا الله
اللهــم اجعل عملي على تمبـلر صالحاً,, واجعله لوجهك خالصاً,, ولا تجعل لأحد فيه شيئاً ,, وتقبل مني واجعله نورا لي في قبري,, وحسن خاتمة لي عند مماتي ,, ونجاةً من النار ومغفرةً من كل ذنب
يارب يارب يارب
KEMASKINI
_
سورة الناس
﴿
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ﴿١﴾ مَلِكِ
النَّاسِ ﴿٢﴾ إِلَـهِ
النَّاسِ﴿٣﴾ مِن
شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ ﴿٤﴾ الَّذِي
يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ ﴿٥﴾ مِنَ
الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ ﴿٦﴾
هي ثاني
المعوذتين ، وفيها الاستجارة والاحتماء بالله تعالى مالك الناس ومصلح أمورهم ،
وإلههم ومعبودهم الذي يجب أن يستعاذ به ويلجأ إليه دون الملوك والعظماء ،
يقول الله تعالى : (
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ {1} مَلِكِ النَّاسِ {2} إِلَهِ النَّاسِ {3} )
هذه
الاستعاذة تكون من شر الشيطان الذي يجري من ابن آدم مجرى الدم ،
وتكون هذه الوسوسة من شيطانين : شيطان
الإنس ، وشيطان الجن ، أما شيطان الجن
فيوسوس في صدور الناس ، وأما شيطان الإنس فيأتي علانية ، لذلك وجبت الاستعاذة من الصنفين ، قال تعالى: (مِن
شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ {4} الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ {5}
مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ {6} )
معاني الكلمات
اسباب النزول
المعوذتان
قال المفسرون: كان
غلام من اليهود يخدم رسول الله r فأتت إليه اليهود ولم يزالوا به حتى أخذ مشاطة
النبي r
وعدة أسنان من مشطه فأعطاها اليهود فسحروه فيها وكان الذي تولى ذلك لبيد بن أعصم اليهودي
ثم دسها في بئر لبني زريق يقال لها ذروان فمرض رسول الله r
وانتثر شعر رأسه ويرى أنه يأتي نساءه ولا يأتيهن وجعل يدور ولا يدري ما عراه
فبينما هو نائم ذات يوم أتاه ملكان فقعد أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه فقال
الذي عند رأسه: ما بال الرجل قال: طب قال: وما طب قال: سحر قال: ومن سحره قال:
لبيد بن أعصم اليهودي قال: وبم طبه قال: بمشط ومشاطة قال: وأين هو قال: في جف طلعة
تحت راعوفة في بئر ذروان. والجف: قشر الطلع والراعوفة: حجر في أسفل البئر يقوم
عليه المائح فانتبه رسول الله r فقال: يا عائشة ما شعرت أن الله أخبرني بدائي ثم
بعث علياً والزبير وعمار بن ياسر فنزحوا ماء تلك البئر كأنه نقاعة الحناء ثم رفعوا
الصخرة وأخرجوا الجف فإذا هو مشاطة رأسه وأسنان مشطه وإذا وتر معقد فيه أحد عشر
عقدة مغروزة بالإبر فأنزل الله تعالى سورتي المعوذتين فجعل كلما قرأ آية انحلت
عقدة ووجد رسول الله r خفة حتى انحلت العقدة الأخيرة فقام كأنما نشط من
عقال وجعل جبريل عليه السلام يقول: بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك ومن حاسد وعين
الله يشفيك فقالوا: يا رسول الله أولا نأخذ الخبيث فنقتله فقال: أما أنا فقد شفاني
الله وأكره أن أثير على الناس شراً.
أخبرنا محمد بن عبد
الرحمن بن محمد بن جعفر أخبرنا أبو عمرو محمد بن أحمد الحيري أخبرنا أحمد بن علي
الموصلي أخبرنا مجاهد بن موسى أخبرنا أبو أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة
رضي الله عنها قالت: سحر النبي r
حتى إنه ليتخيل إليه أنه فعل الشيء وما فعل حتى إذا كان ذات يوم وهو عندي دعا الله
ودعا ثم قال: أشعرت يا عائشة أن الله قد أفتاني فيما استفتيته فيه قلت: وما ذاك يا
رسول الله قال: أتاني ملكان وذكر القصة بطولها. رواه البخاري عن عبيد بن إسماعيل
عن أبي
أسامة ولهذا الحديث طريق في الصحيحين.
تفسير سورة الناس : بن كثير
قُلْ
أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ( 1 )
مَلِكِ النَّاسِ ( 2 )
إِلَهِ النَّاسِ ( 3 ) مِنْ
شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ ( 4 )
الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ ( 5 ) مِنَ
الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ ( 6 )
هذه ثلاث صفات من صفات الرب، عز
وجل؛ الربوبية، والملك، والإلهية:فهو رب كل شيء ومليكه وإلهه، فجميع الأشياء
مخلوقة له، مملوكة عبيد له، فأمر المستعيذ أن يتعوذ بالمتصف بهذه الصفات، من شر
الوسواس الخناس، وهو الشيطان الموكل بالإنسان، فإنه ما من أحد من بني آدم إلا وله
قرين يُزَين له الفواحش، ولا يألوه جهدًا في الخبال. والمعصوم من عَصَم الله، وقد
ثبت في الصحيح أنه: « ما منكم من أحد إلا قد وُكِل
به قرينه » . قالوا:وأنت يا رسول الله؟ قال: « نعم،
إلا أن الله أعانني عليه، فأسلم، فلا يأمرني إلا بخير » وثبت في
الصحيح، عن أنس في قصة زيارة صفية النبي صلى الله عليه وسلم وهو معتكف، وخروجه
معها ليلا ليردها إلى منـزلها، فلقيه رجلان من الأنصار، فلما رأيا رسول الله صلى
الله عليه وسلم أسرعا، فقال رسول الله: « على
رسلكما، إنها صفية بنت حُيي » . فقالا سبحان الله، يا رسول
الله. فقال: « إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وإني خشيت أن يقذف
في قلوبكما شيئًا، أو قال:شرًا » .
وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي:حدثنا
محمد بن بحر، حدثنا عدي بن أبي عمَارة، حدثنا زيادًا النّميري، عن أنس بن مالك
قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إن
الشيطان واضع خطمه على قلب ابن آدم، فإن ذكر خَنَس، وإن نسي التقم قلبه، فذلك
الوسواس الخناس » غريب.
وقال الإمام أحمد:حدثنا محمد بن
جعفر، حدثنا شعبة، عن عاصم، سمعت أبا تميمة يُحَدث عن رَديف رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال:عَثَر بالنبي صلى الله عليه وسلم حمارهُ، فقلت:تَعِس الشيطان. فقال
النبي صلى الله عليه وسلم: « لا تقل:تعس الشيطان؛ فإنك إذا
قلت:تعس الشيطان، تعاظَم، وقال:بقوتي صرعته، وإذا قلت:بسم الله، تصاغر حتى يصير
مثل الذباب » .
تفرد به أحمد، إسناده جيد قوي،
وفيه دلالة على أن القلب متى ذكر الله تصاغر الشيطان وغُلِب، وإن لم يذكر الله
تعاظم وغلب.
وقال الإمام أحمد:حدثنا أبو بكر
الحنفي، حدثنا الضحاك بن عثمان، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة قال:قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: « إن أحدكم إذا كان في المسجد،
جاءه الشيطان فأبس به كما يُبَس الرجل بدابته، فإذا سكن له زنقه - أو:ألجمه » . قال
أبو هُرَيرة:وأنتم ترون ذلك، أما المزنوق فتراه مائلا- كذا- لا يذكر الله، وأما
الملجم ففاتح فاه لا يذكر الله، عز وجل. تفرد به أحمد .
وقال سعيد بن جبير، عن ابن عباس
في قوله: ( الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ )
قال:الشيطان جاثم على قلب ابن آدم، فإذا سها وغفل وسوس، فإذا ذكر الله خَنَس. وكذا
قال مجاهد، وقتادة.
وقال المعتمر بن سليمان، عن
أبيه:ذُكرَ لي أن الشيطان، أو:الوسواس ينفث في قلب ابن آدم عند الحزن وعند الفرح،
فإذا ذكر الله خنس.
وقال العوفي عن ابن عباس في
قوله: ( الْوَسْوَاس ) قال:هو
الشيطان يأمر، فإذا أطيع خنس.
وقوله: (
الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ ) هل
يختص هذا ببني آدم - كما هو الظاهر - أو يعم بني آدم والجن؟ فيه قولان، ويكونون قد
دخلوا في لفظ الناس تغليبا.
وقال ابن جرير:وقد استعمل فيهم
( رجَالٌ منَ الجن ) فلا
بدع في إطلاق الناس عليهم .
وقوله: ( مِنَ
الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ ) هل هو تفصيل لقوله: (
الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ ) ثم بينهم
فقال: ( مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ ) وهذا
يقوي القول الثاني. وقيل قوله: ( مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ ) تفسير
للذي يُوسوس في صدور الناس، من شياطين الإنس والجن، كما قال تعالى: وَكَذَلِكَ
جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي
بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا [
الأنعام:112 ] ، وكما قال الإمام أحمد:
حدثنا وَكِيع، حدثنا المسعودي،
حدثنا أبو عُمَر الدمشقي، حدثنا عبيد بن الخشخاش، عن أبي ذر قال:أتيت رسول الله
صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد، فجلست، فقال: « يا أبا
ذر، هل صليت؟ » . قلت:لا. قال: « قم فصل
» . قال:فقمت فصليت، ثم جلست فقال: « يا أبا
ذر، تعوذ بالله من شر شياطين الإنس والجن » .
قال:قلت:يا رسول الله، وللإنس
شياطين؟ قال: « نعم » . قال:قلت:يا رسول الله،
الصلاة؟ قال: « خير موضوع، من شاء أقل، ومن شاء أكثر » .
قلت:يا رسول الله فما الصوم؟ قال: « فرض
يجزئ، وعند الله مزيد » . قلت:يا رسول الله، فالصدقة؟
قال: « أضعاف مضاعفة » .
قلت:يا رسول الله، أيها أفضل؟ قال: « جُهد
من مُقل، أو سر إلى فقير » . قلت:يا رسول الله، أي
الأنبياء كان أول؟ قال: « آدم » .
قلت:يا رسول الله، ونبي كان؟ قال: « نعم،
نبي مُكَلَّم » . قلت:يا رسول الله، كم
المرسلون؟ قال: « ثلثمائة وبضعة عشر، جَمًّا
غَفيرًا » . وقال مرة: « خمسة
عشر » . قلت:يا رسول الله، أيما أنـزل عليك أعظم؟ قال: « آية
الكرسي: اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ »
ورواه النسائي، من حديث أبي عمر
الدمشقي، به . وقد أخرج هذا الحديث مطولا جدًا أبو حاتم بن حبان في صحيحه، بطريق
آخر، ولفظ آخر مطول جدًا فالله أعلم.
وقال الإمام أحمد:حدثنا وَكِيع،
عن سفيان، عن منصور، عن ذر بن عبد الله الهَمْداني، عن عبد الله بن شداد، عن ابن
عباس قال:جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:يا رسول الله، إني أحدث نفسي
بالشيء لأن أخر من السماء أحب إلي من أن أتكلم به. قال:فقال النبي صلى الله عليه
وسلم: « الله أكبر الله أكبر، الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة » .
ورواه أبو داود والنسائي، من
حديث منصور - زاد النسائي:والأعمش - كلاهما عن ذر، به .
آخر التفسير، ولله الحمد
والمنة، والحمد لله رب العالمين . وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين .
ورضي الله عن الصحابة أجمعين . حسبنا الله ونعم الوكيل.
وكان الفراغ منه في العاشر من
جمادي الأولى سنة خمس وعشرين وثمانين. والحمد له وحده .
تفسير سورة الناس : الجلالين
1. ( قل
أعوذ برب الناس )
خالقهم ومالكهم خصوا بالذكر تشريفا لهم ومناسبة للاستعاذة من شر الموسوس في صدورهم
2. (
ملك الناس )
3. (
إله الناس ) بدلان أو
صفتان أو عطفا بيان وأظهر المضاف إليه فيهما زيادة للبيان
4. ( من
شر الوسواس ) الشيطان
سمي بالحدث لكثرة ملابسته له (
الخناس ) لأنه يخنس
ويتأخر عن القلب كلما ذكر الله
5. (
الذي يوسوس في صدور الناس )
قلوبهم إذا غفلوا عن ذكر الله
6. ( من
الجنة والناس ) بيان
للشيطان الموسوس أنه جني وأنسي كقوله تعالى { شياطين الجن والإنس } أو من الجنة
بيان له والناس عطف على الوسواس وعلى كل ما يشمل شر لبيد وبناته المذكورين ،
واعترض الأول بأن الناس لا يوسوس في صدورهم الناس إنما يوسوسس في صدورهم الجن
وأجيب بأن الناس يوسوسون أيضا بمعنى يليق بهم في الظاهر ثم تصل وسوستهم إلى القلب
وتثبت فيه بالطريق المؤدي إلى ذلك والله تعالى أعلم.
تفسير سورة الناس : القرطبي
مثل « الفلق » لأنها إحدى المعوذتين. وروى
الترمذي عن عقبة بن عامر الجهني عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( لقد أنزل الله على آيات لم ير
مثلهن: « قل أعوذ
برب الناس » إلى آخر
السورة « وقل أعوذ
برب الفلق » إلى آخر
السورة ) . وقال:
هذا حديث حسن صحيح. ورواه مسلم.
الآيات:
1 - 3 ( قل أعوذ برب الناس، ملك الناس،
إله الناس )
قوله
تعالى: « قل أعوذ
برب الناس » أي مالكهم
ومصلح أمورهم. وإنما ذكر أنه رب الناس، وإن كان ربا لجميع الخلق لأمرين: أحدهما:
لأن الناس معظمون؛ فأعلم بذكرهم أنه رب لهم وإن عظموا. الثاني: لأنه أمر
بالاستعاذة من شرهم، فأعلم بذكرهم أنه هو الذي يعيذ منهم. وإنما قال: « ملك الناس إله الناس » لأن في الناس ملوكا يذكر أنه
ملكهم. وفي الناس من يعبد غيره، فذكر أنه إلههم ومعبودهم، وأنه الذي يجب أن يستعاذ
به ويلجأ إليه، دون الملوك والعظماء.
الآية:
4 ( من شر الوسواس الخناس )
يعني: من
شر الشيطان. والمعنى: من شر ذي الوسواس؛ فحذف المضاف؛ قال الفراء: وهو ( بفتح الواو ) بمعنى الاسم؛ أي الموسوس. و ( بكسر الواو ) المصدر؛ يعني الوسوسة. وكذا
الزلزال والزلزال. والوسوسة: حديث النفس. يقال: وسوست إليهم نفسه وسوسة ووسوسة ( بكسر الواو ) . ويقال لهمس الصائد والكلاب
وأصوات الحلي: وسواس. وقال ذو الرمة:
فبات بشئزه
ثاد ويسهره تذؤب الريح والوسواس والهضب
وقال الأعشى:
تسمع للحلى
وسواسا إذا انصرفت كما استعان بريح عشرق زجل
وقيل: إن
الوسواس الخناس ابن لإبليس، جاء به إلى حواء، ووضعه بين يديها وقال: اكفليه. فجاء
آدم عليه السلام فقال: ما هذا ( يا حواء
) قالت:
جاء عدونا بهذا وقال لي: اكفليه. فقال: ألم أقل لك لا تطيعيه في شيء، هو الذي غرنا
حتى وقعنا في المعصية؟ وعمد إلى الولد فقطعه أربعة أرباع، وعلق كل ربع على شجرة،
غيظا له؛ فجاء إبليس فقال: يا حواء، أين ابني؟ فأخبرته بما صنع به آدم عليه السلام
فقال: يا خناس، فحيي فأجابه. فجاء به إلى حواء وقال: اكفليه؛ فجاء آدم عليه السلام
فحرقه بالنار، وذر رماده في البحر؛ فجاء إبليس ( عليه اللعنة ) فقال: يا حواء، أين ابني؟ فأخبرته بفعل آدم إياه؛ فذهب إلى
البحر، فقال: يا خناس، فحيي فأجابه. فجاء به إلى حواء الثالثة، وقال: أكفليه.
فنظر؛ إليه آدم، فذبحه وشواه، وأكلاه جميعا. فجاء إبليس فسألها فأخبرته ( حواء ) . فقال: يا خناس، فحيي فأجابه ( فجاء به ) من جوف آدم وحواء. فقال إبليس:
هذا الذي أردت، وهذا مسكنك في صدر ولد آدم؛ فهو ملتقم قلب آدم ما دام غافلا يوسوس،
فإذا ذكر الله لفظ قلبه وانخنس. ذكر هذا الخبر الترمذي الحكيم في نوادر الأصول
بإسناد عن وهب بن منبه. وما أظنه يصح، والله تعالى أعلم. ووصف بالخناس لأنه كثير
الاختفاء؛ ومنه قوله تعالى: « فلا أقسم
بالخنس » [ التكوير: 15 ] يعني النجوم، لاختفائها بعد
ظهورها. وقيل: لأنه يخنس إذا ذكر العبد الله؛ أي يتأخر. وفي الخبر ( إن الشيطان جاثم على قلب ابن
آدم، فإذا غفل وموس، وإذا ذكر الله خنس ) أي تأخر وأقصر. وقال قتادة: « الخناس » الشيطان
له خرطوم كخرطوم الكلب في صدر الإنسان، فإذا غفل الإنسان وسوس له، وإذا ذكر العبد
ربه خنس. يقال: خنسته فخنس؛ أي أخرته فتأخر. وأخنسته أيضا. ومنه قول أبي العلاء
الحضرمي - أنشد رسول الله صلى الله عليه وسلم:
وإن دحسوا
بالشر فاعف تكرما وإن خنسوا عند الحديث فلا تسل
الدحس:
الإفساد. وعن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الشيطان واضع خطمه على قلب
ابن آدم، فإذا ذكر الله خنس، وإذا نسي الله التقم قلبه فوسوس ) . وقال ابن عباس: إذا ذكر الله
العبد خنس من قلبه فذهب، وإذا غفل التقم قلبه فحدثه ومناه. وقال إبراهيم التيمي:
أول ما يبدو الوسواس من قبل الوضوء. وقيل: سمي خناسا لأنه يرجع إذا غفل العبد عن
ذكر الله. والخنس: الرجوع. وقال الراجز:
وصاحب
يمتعس امتعاسا يزداد إن حييته خناسا
وقد روى ابن
جبير عن ابن عباس في قوله تعالى: « الوسواس
الخناس » وجهين:
أحدهما: أنه الراجع بالوسوسة عن الهدى. الثاني: أنه الخارج بالوسوسة من اليقين.
الآية:
5 ( الذي يوسوس في صدور الناس )
قال مقاتل:
إن الشيطان في صورة خنزير، يجري من ابن آدم مجرى الدم في العروق، سلطه الله على
ذلك؛ فذلك قوله تعالى: « الذي
يوسوس في صدور الناس » . وفي
الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ) . وهذا يصحح ما قاله مقاتل.
وروى شهر
بن حوشب عن أبي ثعلبة الخشني قال: سألت الله أن يريني الشيطان ومكانه من ابن آدم
فرأيته، يداه في يديه، ورجلاه في رجليه، ومشاعبه في جسده؛ غير أن له خطما كخطم
الكلب، فإذا ذكر الله خنس ونكس، وإذا سكت عن ذكر الله أخذ بقلبه. فعلى ما وصف أبو
ثعلبة، أنه متشعب في الجسد؛ أي في كل عضو منه شعبة.
وروي عن
عبدالرحمن بن الأسود أو غيره من التابعين أنه قال - وقد كبر سنه - : ما أمنت
الزنى، وما يؤمنني أن يدخل الشيطان ذكره فيوتده! فهذا القول ينبئك أنه متشعب في
الجسد، وهذا معنى قول مقاتل.
ووسوسته:
هو الدعاء لطاعته بكلام خفي، يصل مفهومه إلى القلب من غير سماع صوت.
الآية:
6 ( من الجنة والناس )
أخبر أن
الموسوس قد يكون من الناس. قال الحسن: هما شيطانان؛ أما شيطان الجن فيوسوس في صدور
الناس، وأما شيطان الإنس فيأتي علانية. وقال قتادة: إن من الجن شياطين، وإن من
الإنس شياطين؛ فتعوذ بالله من شياطين الإنس والجن. وروي عن أبي ذر أنه قال لرجل:
هل تعوذت بالله من شياطين الإنس؟ فقال: أو من الإنس شياطين؟ قال: نعم؛ لقوله
تعالى: « وكذلك
جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن » [
الأنعام: 112 ] ..
الآية. وذهب قوم إلى أن الناس هنا يراد به الجن. سموا ناسا كما سموا رجلا في قوله:
« وأنه كان
رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن » [ الجن:
6 ] - وقوما
ونفرا. فعلى هذا يكون « والناس » عطفا على « الجنة » ، ويكون التكرير لاختلاف
اللفظين. وذكر عن بعض العرب أنه قال وهو يحدث: جاء قوم من الجن فوقفوا. فقيل: من
أنتم؟ فقالوا: ناس من الجن. وهو معنى قول الفراء. وقيل: الوسواس هو الشيطان.
وقوله: « من الجنة
» بيان أنه
من الجن « والناس » معطوف على الوسواس. والمعنى: قل
أعوذ برب الناس من شر الوسواس، الذي هو من الجنة، ومن شر الناس. فعلى هذا أمر بأن
يستعيذ من شر الإنس والجن. والجنة: جمع جني؛ كما يقال: إنس وإنسي. والهاء لتأنيث
الجماعة. وقيل: إن إبليس يوسوس في صدور الجن، كما يوسوس في صدور الناس. فعلى هذا
يكون « في صدور
الناس » عاما في
الجميع. و « من الجنة
والناس » بيان لما
يوسوس في صدره. وقيل: معنى « من شر
الوسواس » أي
الوسوسة التي تكون من الجنة والناس، وهو حديث النفس. وقد ثبت عن النبي صلى الله
عليه وسلم أنه قال: ( إن الله
عز وجل تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم به ) . رواه أبو هريرة، أخرجه مسلم.
فالله تعالى أعلم بالمراد من ذلك.