* أولاً: اسمه ونسبه ونبذة عنه:
هو: أبو عبدالرحمن، الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي (ويُقال الفرهودي) الأزدي اليحمدي. وُلد سنة: (100 هـ)، وكان إماماً في علم النحو، وهو الذي استنبط علم العروض وأخرجه إلى الوجود.
كانت له معرفة بالإيقاع والنَغَم. وتلك المعرفة أحدثت له علم العروض؛ لتقاربهما في المأخذ.
ويُقال إن أباه "أحمد" أول من سُمي بأحمد بعد رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ.
توفي سنة: (170 هـ) بالبصرة، وقيل سنة: (175 هـ).
* ثانياً: صفاته:
كان الخليلُ رجلاً صالحاً عاقلاً حليماً وقوراً، ومن كلامه: (لايعلَمُ الإنسانُ خطأ معلَمه حتى يجالس غيره)، وكان يقول أيضاً: (إني لأغلق عليّ بابي فما يجاوزه همي)، كناية عن زهده في الدنيا.
* ثالثاً: بعضٌ من أخباره:
كان للخليل راتبٌ على سليمان بن حبيب بن المهلَّب بن أبي صُفْرة الأزدي، وكان والي فارس والأهواز، فكتب إليه يستدعيه، فكتب الخليلُ جوابه:
أبلِغْ سليمانَ أني عنه في سَعَةٍ * وفي غنى غيرَ أني لستُ ذا مالِ
شُحاً بنفسي أني لا أرى أحداً * يموتُ هُزْلاً ولا يبقى على حالِ
الرزقُ عن قَدَرٍ لا الضَّعفُ ينقُصُهُ * ولا يزيدك فيه حَوْلُ محتالِ
والفقر في النفس لا في المال نعرفُهُ * ومثلُ ذاك الغنى في النفسِ لا المالِ
فقطع عنه سليمان الراتب، فقال الخليل:
إنَ الذي شقَّ فمي ضامنٌ * للرزقِ حتى يتوفَاني
حرمتني خيراً قليلاً فما * زادك في مالك حرماني
فبلغَتْ سليمان، فأقامته وأقعدته، وكتب إلى الخليل يعتذر إليه، وأضعف راتبه، فقال الخليل:
وَزَلَّةٍ يُكثِرُ الشيطانُ إنْ ذُكِرَتْ * منها التعجبَ جاءت من سليمانا
لا تعجبَنَّ لخير زلَّ عن يدِهِ * فالكوكب النحسُ يَسقي الأرض أحيانا
ويُقال: إن الخليل كان له ولد متخلف، فدخل على أبيه يوماً فوجده يقطّع بيت شعر بأوزان العروض، فخرج إلى الناس وقال: إن أبي قد جُنّ! فدخلوا عليه وأخبروه بما قال ابنه، فقال مخاطباً له:
لو كنتَ تعلمُ ما أقول عذرتني * أو كنتَ تعلمُ ما تقولُ عذلتُكا
لكنْ جهلتَ مقالتي فعذلتني * وعلمتُ أنك جاهلٌ فعذرتُكا
وقد رُوي عنه أنه أنشد ــ ولم يذكر لنفسه أم لغيره ــ:
يقولون لي دارُ الأحبة قد دَنَتْ * وأنت كئيبٌ إنّ ذا لعجيبُ!
فقلتُ وما تغني الدارُ وقُرْبُها؟! * إذا لم يكن بين القلوب قريبُ
والعالم المعروف "سيبويه" أخذ عنه علوم الأدب.
ويُحكى أنّ الخليل كان ينشد هذا البيت كثيراً، وهو للأخطل:
وإذا افتقرتَ إلى الذخائرِ لم تجدْ * ذُخراً يكون كصالحِ الأعمالِ
وللخليل من التصانيف: كتاب (العين) في اللغة، وهو مشهور، وكتاب (العَروض)، وكتاب (الشواهد)، وكتاب (النقط والشكل)، وكتاب (النَّغَم).
فرحم الله الإمامَ العالمَ الفهامةَ الخليلَ بن أحمد، وأسكنه فسيح جناته؛ جزاء ماقدم لللغة العربية وللإسلام والمسلمين وأهل السنة. آمين.
المصدر لهذا الموضوع كاملاً: كتاب: (وفيات الأعيان، وأنباء أبناء الزمان)، لأبي العباس، شمس الدين، أحمد بن محمد بن أبي بكر بن خلكان، ت: (681 هـ)، حققه: الدكتور إحسان عباس، دار صادر، بيروت، ودار الفكر، (2/ 244ــ248).
كاتب الموضوع: محبكم في الله/ عبدالمحسن القحطاني.