(قال الفقيه) رضي اللَّه تعالى عنه: حدثنا أبي رحمه اللَّه تعالى حدثنا محمد بن غالب بإسناده عن عطاء عن أم المؤمنين عائشة رضي اللَّه تعالى عنها "أن شاباً كان صاحب سماع وكان إذا أهلّ هلال ذي الحجة أصبح صائماً فارتفع الحديث إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلم فأرسل إليه فدعاه فقال ما يحملك على صيام هذه الأيام؟ قال بأبي أنت وأمي يا رسول اللَّه إنها أيام المشاعر وأيام الحج عسى أن يشركني في دعائهم، قال فإن لك بكل يوم تصومه عدل مائة رقبة ومائة بدنة ومائة فرس تحمل عليها في سبيل الله، فإذا كان يوم التروية فلك فيها عدل ألف رقبة وألف بدنة وألف فرس تحمل عليها في سبيل الله، فإذا كان يوم عرفة فلك بها عدل ألفي رقبة وألفي بدنة وألفي فرس تحمل عليها في سبيل اللَّه وهو صيام سنتين سنة قبلها وسنة بعدها، وروى في رواية أخرى أنه قال صلى اللَّه عليه وسلم "يعدل صوم يوم عرفة بصوم سنتين ويعدل صوم عاشوراء بصوم سنة" وقال أهل التفسير في قوله تعالى {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} أنها عشر من أول ذي الحجة وكلم موسى تكليما وقربه نجيا في أيام العشر وكتب له الألواح في أيام العشر.
وروى عن أبي الدرداء رضي اللَّه تعالى عنه أنه قال: عليكم بصوم أيام العشر، وإكثار الدعاء والاستغفار والصدقة فيها فإني سمعت نبيكم محمد صلى اللَّه عليه وسلم يقول "الويل لمن حرم خير أيام العشر، عليكم بصوم التاسع خاصة فإن فيه من الخيرات أكثر من أن يحصيها العادون".
(قال الفقه) رحمه اللَّه تعالى: حدثني أبي رحمة اللَّه عليه حدثنا أبو عبد الرحمن بن أبي الليث حدثنا أحمد بن جعفر البغدادي حدثنا أبو النضر هاشم بن القاسم عن محمد بن الفضل بن عطية عن أبيه عن عبد اللَّه بن عبيد بن عمير الليثي قال: بلغنا أن اللَّه تعالى أهدى إلى موسى بن عمران خمس دعوات جاء بهنّ جبريل عليه السلام في أيام العشر: أوّلهن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حيّ لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير، والثاني أشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له إلهاً واحداً أحد صمد لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، والثالث أشهد أن لا إله إلا اللَّه وحد لا شريك له أحد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، والرابع أشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حيّ لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير، والخامس حسبي اللَّه وكفى سمع اللَّه لمن دعا ليس وراء اللَّه منتهى، وذكر أن هذه الكلمات أنزلت في الإنجيل وإن الحواريين سألوا عيسى عليه السلام عن فضل هذه الدعوات فذكر لهم من الثواب والفضيلة لمن قرأها في أيام العشر ما لا يقدر على وصفه أحد. قال أبو النضر هاشم بن القاسم حدثني رجل أنه دعا بهذه الدعوات في أيام العشر فرأى في منامه كأن في بيته خمس طبقات من نور بعضها فوق بعض. روى مجاهد عن ابن عمر رضي اللَّه تعالى عنهما أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال: "ما من أيام أعظم عند اللَّه ولا أحب إليه فيهن من العمل من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيها التكبير والتحميد والتهليل" وروى نافع عن ابن عمر رضي اللَّه تعالى عنهما أنه كان يكبر في جميع أيام العشر على فراشه ومجلسه،
(قال الفقيه) رحمه اللَّه تعالى: من كبر في هذه الأيام في نفسه كان أفضل، ولو أنه كبر ورفع صوته وأراد به إظهار الشريعة وأن يذكر الناس فلا بأس به، وقد جاء الأثر في ذلك. وروى عبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّه تعالى عنه عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "إن اللَّه تعالى قد اختار من الأيام أربعة، ومن الشهور أربعة، ومن النساء أربعة، وأربعة يسبقون إلى الجنة، وأربعة اشتاقت إليهم الجنة. أما الأيام: فأوّلها يوم الجمعة فيها ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل اللَّه تعالى شيئاً من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه اللَّه إياه، والثاني يوم عرفة فإذا كان يوم عرفة يباهي اللَّه تعالى ملائكته فيقول يا ملائكتي انظروا إلى عبادي جاءوا شعثا غبرا قد أنفقوا الأموال وأتعبوا الأبدان اشهدوا أني قد غفرت لهم، والثالث يوم النحر فإذا كان يوم النحر وقرب العبد قربانه فأوّل قطرة قطرت من القربان تكون كفارة لكل ذنب عمله العبد، والرابع يوم الفطر فإذا صاموا شهر رمضان وخرجوا إلى عيدهم يقول اللَّه تبارك وتعالى لملائكته إن كل عامل يطلب أجره، وعبادي صاموا شهرهم وخرجوا من عيدهم يطلبون أجرهم أشهدكم أني قد غفرت لهم، وينادي المنادي يا أمة محمد ارجعوا فقد بدلت سيئاتكم حسنات. وأما الشهور: فشهر اللَّه الأصم رجب، وثلاثة متواليات: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم. وأما النساء: فمريم بنت عمران، وخديجة بنت خويلد سابقة نساء العالمين إلى الإيمان بالله ورسوله، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون، وفاطمة بنت محمد سيدة نساء أهل الجنة. وأما السابقون: فلكل قوم سابق إلى الجنة، فمحمد صلى اللَّه عليه وسلم سابق العرب، وسلمان سابق فارس، وصهيب سابق الروم، وبلال سابق الحبشة. وأما الأربعة التي اشتاقت إليهم الجنة: فأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب رضي اللَّه تعالى عنه، وسلمان، وعمار بن ياسر، والمقداد بن الأسود رضي اللَّه تعالى عنهم" وروى عن سالم بن أبي الجعد "أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال لفاطمة رضي اللَّه تعالى عنها قومي إلى أضحيتك فإن اللَّه تعالى يرفع عنك ذنوبك عند أوّل دفعة من دمها: يعني أوّل قطرة. قال عمران بن الحصين: أخاصة لك يا رسول اللَّه ولأهل بيتك أو لعامة المسلمين؟ قال بل لعامة المسلمين" وعن عائشة رضي اللَّه تعالى عنها أنها قالت: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم "ضحوا وطيبوا بها نفساً فإنه من أخذ أضحيته يوم حلها فاستقبل بها القبلة كان قرنها وفرثها ودمها وشعرها وصوفها ووبرها محضورات له يوم القيامة إن الدم إذا وقع في التراب فإنما يقع في حرز اللَّه أنفقوا يسيرا تؤجروا كثيرا".