(قال رضي اللَّه تعالى عنه) حدثنا محمد بن الفضل حدثنا محمد بن جعفر حدثنا إبراهيم بن يوسف حدثنا سفيان بن مسعر أنه قال: بلغني عن الحسين بن علي رضي اللَّه تعالى عنهما أنه مرّ بمساكين وهم يأكلون كسرا لهم على كساء فقالوا يا أبا عبد اللَّه الغذاء قال فنزل وقال: إنه لا يحب المستكبرين فاكل معهم، ثم قال لهم قد أحببتكم فاجيبوني فانطلقوا معه فلما أتوا المنزل قال لجاريته أخرجي ما كنت تدّخرين. وبهذا الإسناد عن سفيان عن أبي حازم عن أبي هريرة رضي اللَّه تعالى عنه عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "ثلاثة لا يكلمهم اللَّه يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم، أوّلهم شيخ زان وملك كذاب وعائل مستكبر" يعني الفقير. قال حدثنا الفقيه أبو جعفر حدثنا محمد بن موسى الفقيه الرازي أبو عبد اللَّه حدثنا محمد بن رباح حدثنا يزيد بن هرون عن هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن عامر العقيلي عن أبيه عن أبي هريرة رضي اللَّه تعالى عنه عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "عرض عليّ أوّل ثلاثة يدخلون الجنة وأوّل ثلاثة يدخلون النار. فأما أوّل ثلاثة يدخلون الجنة: فالشهيد وعبد مملوك لم يشغله رق الدنيا عن طاعة ربه وفقير ضعيف ذو عيال، وأما أوّل ثلاثة يدخلون النار: فأمير مسلِّط وذو ثروة من المال لا يؤتي الزكاة وفقير فخور. وقال إن اللَّه تعالى يبغض ثلاثة نفر وبغضه لثلاثة منهم أشد. أوّلها يبغض الفساق وبغضه للشيخ الفاسق أشد. والثاني يبغض البخلاء وبغضه للغني البخيل اشد. والثالث يبغض المتكبرين وبغضه للفقير المتكبر أشد، ويحب ثلاثة نفر وحبه لثلاثة منهم أشد، يحب المتقين وحبه للشاب التقي أشد. والثاني يحب الأسخياء ويحب الاسخياء وحبه للفقير السخي أشد. والثالث يحب المتواضعين وحبه للمتواضع الغني أشد. وروى عن حبيب ابن أبي ثابت عن يحيى بن جعلة أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر. قال رجل يا رسول اللَّه إني ليعجبني نقاء ثوبي وشراك نعلي وعلاقة سوطي أفهذا من الكبر؟ فقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم فقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم إن اللَّه تعالى جميل يحب الجمال ويحب إذا أنعم على عبده نعمة أن يرى أثرها عليه، ويبغض البؤس والتباؤس، ولكن الكبر أن يسفِّه الحق ويغمص الخلق". وروي عن الحسن عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "من خفف نعله ورفع ثوبه وعفر وجهه لله في السجود فقد برىء من الكبر" وروي عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "من لبس الصوف وانتعل المخصوف وركب حماره وحلب شاته وأكل مع عياله وجالس المساكين فقد محاصيل اللَّه تعالى عنه الكبر".
وذكر أن موسى صلوات اللَّه وسلامه عليه ناجى اللَّه تعالى فقال: يا رب من أبغض خلقك إليك؟ قال يا موسى من تكبر قلبه وغلظ لسانه وضعف يقينه وبخلت يده. وقال عروة بن الزبير: التواضع أحد مصائد الشرف. وكل ذي نعمة محسود عليها إلاّ التواضع. وقال بعض الحكماء: ثمرة القناعة الراحة وثمرة التواضع المحبة. وذكر أن المهلب بن أبي صفرة كان صاحب جيش الحجاج، فمرّ على مطرف بن عبد اللَّه بن الشخير وهو يتبختر في حلة خز فقال له مطرف: يا عبد اللَّه هذه مشية يبغضها اللَّه ورسوله، فقال المهلب أما تعرفني؟ فقال بلى أعرفك أوّلك نطفة مذرة وآخرك جيفة قذرة وأنت تحمل فيما بين ذلك العذرة، فترك المهلب مشيته تلك. وقال بعض الحكماء: افتخار العبد المؤمن بربه وعزه بدينه، وافتخار المنافق بحسبه وعزه بماله. وروي عن ابن عمر رضي اللَّه تعالى عنهما عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال: "إذا رأيتم المتواضعين فتواضعوا لهم وإذا رأيتم المتكبرين فتكبروا عليهم، فإن ذلك لهم صغار ومذلة، ولكم بذلك صدقة". وروى أبو هريرة رضي اللَّه تعالى عنه عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "ما تواضع رجل لله إلاّ رفعه اللَّه تعالى". وروي عن عمر رضي اللَّه تعالى عنه أنه قال: رأس التواضع أن تبدأ بالسلام على من لقيت من المسلمين، وأن ترضى بالدون من المجلس، وأن تكره أن تذكر بالبرّ والتقوى.
(قال الفقيه) رضي اللَّه تعالى عنه: "العظمة إزاري. والكبرياء ردائي" يعني أنهما من صفاتي كما في القرآن العزيز الجبار المتكبر فهما صفتان من صفات اللَّه تعالى فلا ينبغي للعبد الضعيف أن يتكبر.