(قال الفقيه) رحمه اللَّه تعالى: الواجب غلى كل إنسان أن يكثر من قوله لا إله إلا اللَّه ويسأل اللَّه تعالى في أناء الليل وأطراف النهار أن لا ينزع منه الإيمان وهذا القول منه ويحفظ نفسه من المعاصي فإن كثيرا من الناس يقولون هذا القول ثم ينزع منهم في آخر عمرهم بسبب أعمالهم الخبيثة ويخرجون من الدنيا على الكفر نعوذ بالله، وأي مصيبة أعظم من هذا، إن الرجل كان اسمه من المسلمين في جميع عمره فيبعث يوم القيامة واسمه من الكافرين، فهذا هو الحسرة كل الحسرة وليست الحسرة بالذي يخرج من الكنيسة أو بيت النار، فيدخل النار ولكن الحسرة بالذي يخرج من المسجد فيطرح في النار، وذلك كله بسبب أعماله الخبيثة وارتكابه المحرمات في السرائر، فربّ رجل وقع في يده شيء من أموال الناس فيقول أنفقها ثم أردّها أو أستحلّ منهم فيموت قبل أن يرضي خصمه، فرب إنسان وقع منه بينه وبين إمرأته حرمة فيقول كيف أدعها وبيننا أولاد فيصرّ على ذلك فيأتيه الموت وهو على الحرام وربما ينزع منه الإيمان بسبب ذلك، فانظر يا أخي واجتهد في إصلاح أمرك قبل أن يأتيك الموت فإنك لا تدري متى يأتيك الموت. واعلم أن العمر قليل والحسرة طويلة وعليك أن تكثر من قول لا إله إلا الله. وقال الحسن البصري رحمه اللَّه تعالى: لا إله إلا اللَّه ثمن الجنة. وروى أنس بن مالك رضي اللَّه تعالى عنه عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم "أنه قيل له يا رسول اللَّه هل للجنة ثمن؟ قال نعم لا إله إلا اللَّه " وعن أبي هريرة رضي اللَّه تعالى عنه قال "قلت يا رسول اللَّه من أسبق الناس إلى شفاعتك؟ قال من قال لا إله إلا اللَّه خالصا من نفسه" وعن مجاهد في قوله تعالى {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ} قال إذا أخرج من النار من قال لا إله إلا اللَّه قال المشركون يا ليتنا كنا مسلمين. وعن عطاء في قوله تعالى {مَنْ جَاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا} يعني من قال لا إله إلا اللَّه إلا اللَّه فله الجنة {وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ} يعني من جاء بالشرك. وعن الحسن البصري في قوله تعالى {هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلا الإِحْسَانُ} قال هل جزاء من قال لا إله إلا اللَّه إلا الجنة. وعن ابن عباس رضي اللَّه تعالى عنهما "أن جبريل عليه السلام جاء إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلم يوما فقال يا محمد إن الرب يقرئك السلام وهو يقول مالي أراك مغموما حزينا وهو أعلم به فقال يا جبريل لقد طال تفكيري في أمر أمتي يوم القيامة، قال يا محمد في أمر أهل الكفر أم في أمر أهل الإسلام؟ قال جبريل لابل في أمر أهل لا إله إلا الله، قال فأخذه بيده حتى أقامه على مقبرة من بني سلمة، فضرب بجناحه الأيمن على قبر ميت فقال قم بإذن اللَّه فقام رجل مبيض الوجه وهو يقول لا إله إلا اللَّه محمد رسول اللَّه الحمد لله رب العالمين فقال له جبريل عد فعاد كما كان، ثم ضرب بجناحه الأيسر على قبر ميت فقال قم بإذن اللَّه فخرج رجل مسودّ الوجه أزرق العينين وهو يقول
واحسرتاه واندامتاه واسوأتاه فقال له عد فعاد كما كان، ثم قال جبريل هكذا يبعثون يوم القيامة على ما ماتوا عليه" وعن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال " لقنوا موتاكم لا إله إلا اللَّه فإنها تهدم الذنوب هدما قالوا يا رسول اللَّه فإن قالها في حياته قال هي أهدم وأهدم".
(قال الفقيه) رحمه اللَّه تعالى: يقال من حفظ سبع كلمات فهو عند اللَّه شريف وعند الملائكة شريف، وغفر اللَّه له ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر، ويجد حلاوة الطاعة وتكون حياته ومماته خيرا له: أولها أن يقول عند ابتداء كل شيء بسم الله، والثاني أن يقول بعد الفراغ من كل شيء الحمد لله، والثالث إذا جرى على لسانه لغو أو عمل سواء قلّ أو كثر يقول بعده أستغفر الله، والرابع إذا أراد أن يقول أفعل غداً كذا فيقول على أثره إن شاء الله، والخامس إذا استقبله مكروه يقول لا حول ولا قوة إلا بالله العليّ العظيم، والسادس إذا أصابته مصيبة في النفس أو في المال قلّ أو كثر يقول إنا لله وإنا إليه راجعون والسابع لا يزال يجري على لسانه في آناء الليل وأطراف النهار لا إله إلا الله. وروى عن عمرو بن دينار عن جابر بن عبد اللَّه قال: حدثنا من سمع معاذ بن جبل رضي اللَّه تعالى عنه أنه لما حضرته الوفاة يقول اكشفوا عني فإني سمعت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم حديثا لم يمنعني أن أحدثكم به إلا أن تتكلموا به سمعت النبي صلى اللَّه عليه وسلم يقول "من قال لا إله إلا اللَّه مخلصا موقنا دخل الجنة" وروى عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "من لقن عند الموت لا إله إلا اللَّه دخل الجنة" وروى عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا اللَّه دخل الجنة".
(قال الفقيه) رحمه اللَّه تعالى: الناس في إيمانهم على ضربين منهم من يكون إيمانه له عطاء ومنهم من يكون إيمانه له عارية، فالعلامة في ذلك أن الذي يكون إيمانه عطاء يمنعه إيمانه من الذنوب ويرغبه في الطاعات، والذي هو عارية لا يمنعه من الذنوب ولا يرغبه في الطاعات لأن لا تدبير له في مكان هو فيه عارية. وروى أنس بن مالك رضي اللَّه تعالى عنه عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال " لا إله إلا اللَّه ثمن الجنة" وفي خبر آخر " مفتاح الجنة" ويقال لا إله إلا اللَّه مفتاح الجنة، ولكن المفتاح لابد له من الأسنان حتى يفتح الباب، ومن أسنانه لسان ذاكر طاهر من الذنوب والغيبة، وقلب خاشع طاهر من الحسد والخيانة، وبطن طاهر من الحرام والشبهة، وجوارح مشغولة بالخدمة طاهرة من المعاصي. وعن أبي ذر رضي اللَّه تعالى عنه قال "قلت يا رسول اللَّه علمني عملا يقرّبني إلى الجنة ويباعدني عن النار؟ قال إذا عملت سيئة فاعمل بجنبها حسنة فإنها بعشر أمثالها، فقلت يا رسول اللَّه لا إله إلا اللَّه من الحسنات؟ قال هي من أحسن الحسنات" وروى سلمة بن زيد عن حذيفة بن اليمام رضي اللَّه تعالى عنه قال: يندرس الإسلام حتى لا يدري أحد ما الصلاة وما الصيام، حتى إن الرجل ليقول كان من قبلنا من يقول لا إله إلا اللَّه فنحن نقول لا إله إلا الله، قيل له فما يغني عنهم لا إله إلا الله؟ قال ينجون بها من النار ويدخلون بها الجنة