الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء و المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين
أهلا وسهلا بكم
إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التفضل بزيارة صفحة التعليمات كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل ، إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "إن إبليس قال لربه: بعزتك وجلالك لا أبرح أغوي بني آدم مادامت الأرواح فيهم - فقال الله: فبعزتي وجلالي لا أبرح أغفر لهم ما استغفروني"
اللّهم طهّر لساني من الكذب ، وقلبي من النفاق ، وعملي من الرياء ، وبصري من الخيانة ,, فإنّك تعلم خائنة الأعين ,, وما تخفي الصدور
اللهم استَخدِمني ولاَ تستَبدِلني، وانفَع بيِ، واجعَل عَملي خَالصاً لِوجهك الكَريم ... يا الله
اللهــم اجعل عملي على تمبـلر صالحاً,, واجعله لوجهك خالصاً,, ولا تجعل لأحد فيه شيئاً ,, وتقبل مني واجعله نورا لي في قبري,, وحسن خاتمة لي عند مماتي ,, ونجاةً من النار ومغفرةً من كل ذنب
يارب يارب يارب
KEMASKINI
_
تنبيه الغافلين : باب عداوة الشيطان ومعرفة مكايده
(قال الفقيه) أبو الليث
رحمه اللَّه تعالى: حدثني أبي رحمه اللَّه حدثنا أبو الحسن الفراء حدثنا أبو بكر
أحمد بن إسحق الجورجاني حدثنا سلمة عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن صفية بنت
جحش أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال "الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم"
قال: حدثنا أبي رحمه اللَّه حدثنا أبو الحسن الفراء
حدثنا أبو بكر أحمد بن إسحق
حدثنا سلمة عمن حدثه عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضيالله تعالى عنهما في
قوله عز وجل{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} يعني سيد الناس {مَلِكِ النَّاسِ} كلهم
من الجن والإنس {إِلَهِ النَّاسِ} يقول خالق الناس {مِنْ شَرِّ الوَسْوَاسِ} يعني
الشيطان {الخَنَّاسِ} وهو الشيطان {الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ، مِنْ
الجِنَّةِ وَالنَّاسِ} يقول يدخل في صدور الجن كما يدخل في صدور الإنس فيوسوس في
صدورهم، فإذا ذكر اللَّه خنس وخرج من صدورهم. روى عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم
أنه قال "بعثت داعياً ومبلغاً وليس إليّ من الهداية شيء، وخلق إبليس مزيناً وليس
إليه من الضلالة شيء" يعني أنه يوسوس ويزين المعصية وليس بيده أكثر من ذلك، فينبغي
للعبد أن يجتهد في دفع الوسوسة عن نفسه ويجتهد في مخالفة عدوه لأن اللَّه تعالى قال
{إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً} وينبغي للعاقل أن يعرف
صديقه من عدوه فيطيع صديقه ولا يتبع عدوه" فإنه يقال علامة الجاهل أربعة أشياء:
أحدها الغضب من غير شيء، والثاني اتباع النفس في الباطن، والثالث إنفاق المال في
غير حق، والرابع قلة معرفة صديقه من عدوه: يعني يختار طاعة الشيطان على طاعة اللَّه
تعالى فبئس البدل طاعة الشيطان على طاعة اللَّه تعالى وقال تعالى
{أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ
بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً} وعلامة العاقل أربعة أشياء: الحلم عن الجاهل، ورد
النفس عن الباطل، وإنفاق المال في حقه، ومعرفة صديقه من عدوه. وذكر عن وهب بن منبه
رحمه اللَّه تعالى أنه قال: إن إبليس لقي يحيى ابن زكريا عليهما السلام فقال له
يحيى بن زكريا: أخبرني عن طبائع ابن آدم عندكم؟ فقال إبليس أما صنف منهم فهو مثلك
معصومون لا نقدر منهم على شيء، والصنف الثاني فهم في أيدينا كالكرة في أيدي صبيانكم
وقد كفونا أنفسهم، والصنف الثالث فهم أشد الأصناف علينا فنقبل على أحدهم حتى ندرك
منه حاجتنا ثم يفرغ إلى الاستغفار فيفسد به علينا ما أدركنا منه فلا نحن نيأس منه
ولا نحن ندرك حاجتنا منه. وقال بعض الحكماء: نظرت وتفكرت من أي باب يأتي الشيطان
إلى الإنسان فإذا هو يأتي من عشرة أبواب: أولها يأتي من قبل الحرص وسوء الظن
فقابلته بالثقة والقناعة، فقلت بأي آية أتقوى عليه من كتاب اللَّه تعالى فوجدت قول
اللَّه عز وجل {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّه رِزْقُهَا}
الآية، فكسرته بذلك، والثاني نظرت فإذا هو يأتي من قبل الحياة وطول الأمل فقابلته
بخوف مفاجأة الموت، فقلت بأي آية أتقوى عليه فوجدت قول اللَّه تعالى {وَمَا تَدْرِي
نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} فكسرته بذلك. والثالث نظرت فإذا هو يأتي من قبل طلب
الراحة وطلب النعمة فقابلته بزوال النعمة وسوء الحساب، فقلت بأي آية أتقوى عليه
فوجدت قوله تعالى {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا} الآية، ويقول
{أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ} الآية فكسرته بذلك. والرابع نظرت فإذا
هو يأتي من باب العجب فقابلته بالمنة وخوف العاقبة، فقلت أي آية أتقوى عليه فوجدت
قول اللَّه تعالى {فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ} فلا أدري من أي الفريقين أكون
فكسرته بها. والخامس رأيته يأتي من باب الاستخفاف بالإخوان وقلة حرمتهم فقابلته
بمعرفة حقهم وحرمتهم، فقلت بأي آية أتقوى عليه فوجدت قول اللَّه تعالى في كتابه
{وَلِلَّهِ العِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} فكسرته بها. والسادس نظرت
فإذا هو يأتي من باب حسد فقابلته بالعدل وقسمة اللَّه تعالى في خلقه، فقلت بأي آية
أتقوى عليه فوجدت قول اللَّه تعالى {نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي
الحَيَاةِ الدُّنْيَا} فكسرته بها والسابع نظرت فإذا هو يأتي من قبل الرياء ومدح
الناس فقابلته بالإخلاص، فقلت بأي آية أتقوى عليه فوجدت قول اللَّه تعالى {فَمَنْ
كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ
بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} يعني مخلصاً فكسرته بها، والثامن نظرت فإذا هو يأتي
من باب البخل فقابلته بفناء ما في أيدي الخلق وبقاء ما عند اللَّه تعالى، فقلت بأي
آية أتقوى عليه فوجدت قول اللَّه تعالى {مَا عِنْدَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِنْدَ
اللَّه بَاقٍ} فكسرته بها، والتاسع نظرت فإذا هو يأتي من باب الكبر فقابلته
بالتواضع، فقلت بأي آية أتقوى عليه فوجدت قول اللَّه عز وجل {إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ
مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ
أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّه أَتْقَاكُمْ} فكسرته بها. والعاشر نظرت فإذا هو يأتي من
باب الطمع فقابلته بالإياس من الناس والثقة بما عند الله، فقلت بأي آية أتقوى عليه
فوجدت قول اللَّه تعالى {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّه يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً
وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ}.
وذكر في الخبر أن إبليس
لعنه اللَّه جاء إلى موسى عليه الصلاة والسلام وهو يناجي ربه، فقال له ملك من
الملائكة ويحك ما ترجو منه على هذه الحالة؟ فقال أرجو منه ما رجوت من أبيه آدم وهو
في الجنة: ويقال إذا حضر وقت الصلاة أمر إبليس جنوده بأن يتفرقوا ويأتوا الناس
ويشغلوهم عن صلاتهم، فيجيء الشيطان إلى من أراد الصلاة فيشغله ليؤخرها عن وقتها فإن
لم يقدر فإنه يأمره بأن لا يتم ركوعها وسجودها وقراءتها وتسبيحها ودعواتها، فإن لم
يستطع فإنه يشغل قلبه بأشغال الدنيا، فإن لم يقدر على شيء من ذلك أمر إبليس أن يوثق
هذا الشيطان ويقذف به في البحر، فإن كان يقدر على شيء من ذلك فإنه يكرمه ويبجله.
قال اللَّه عز وجل حكاية عن إبليس {لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ المُسْتَقِيمَ}
يعني على طريق الإسلام ولأرصدنهم {ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ}
يعني من أمر الآخرة حتى أجعلهم في الشك، {وَمِنْ خَلْفِهِمْ} لأزينن لهم الدنيا حتى
يطمئنوا إليها {وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ} يعني آتيهم من جهة الدين والطاعة {وَعَنْ
شَمَائِلِهِمْ} يعني من جهة المعاصي {وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ} يعني
على نعمك. وقال في آية أخرى {يَابَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمْ الشَّيْطَانُ كَمَا
أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنْ الجَنَّةِ} وقال في آية أخرى {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمْ
الفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالفَحْشَاءِ} وقال في آية أخرى {إِنَّ الشَّيْطَانَ
لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً} فقد بين اللَّه تعالى أن الشيطان عدوّ لبني
آدم ويريد ضلالتهم ليجرّهم مع نفسه إلى النار، فالواجب على العاقل أن يجتهد في
مجاهدته لكي يخلص نفسه منه فإنه عدوّ ظاهر للمؤمنين، وللمؤمن أيضاً أعداء سوى
الشيطان كما روى أنس بن مالك رضي اللَّه تعالى عنه عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم
أنه قال "المؤمن بين خمس شدائد: مؤمن يحسده ومنافق يبغضه وعدوّ يقاتله وشيطان يضله
ونفس تغويه" يعني أن النفس مائلة إلى ما هو سبب ضلالته وإغوائه، فينبغي للمسلم أن
يستعين بالله تعالى ليقويّه على أعدائه ويوفقه لما يحب ويرضي فإن هذا كله يسير على
من يسره اللَّه تعالى عليه وروى صالح بإسناده عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم قال:
بينما موسى جالس في بعض مجالسه إذ جاءه إبليس وعليه برنس متلون: يعني قلنسوة ذات
ألوان، فلما دنا منه خلع البرنس فوضعه ثم أقبل فسلم عليه، فقال من أنت؟ قال أنا
إبليس. قال فما جاء بك؟ قال جئت لأسلم عليك لمكانك من اللَّه عز وجل. قال فما
البرنس الذي كان عليك؟ قال به أختطف قلوب بني آدم. قال أخبرني ما الذنب الذي إذا
أذنب ابن آدم استحوذت عليه: يعني غلبت عليه: قال إذا أعجبته نفسه واستكثر عمله ونسى
ذنبه استحوذت عليه.
وذكر عن وهب بن منبه
رحمه اللَّه تعالى قال "أمر اللَّه تعالى إبليس أن يأتي محمداً صلى اللَّه عليه
وسلم ويجيبه عن كل ما يسأله، فجاءه على صورة شيخ وبيده عكاز فقال نه من أنت؟ قال
أنا إبليس، فقال لماذا جئت؟ قال إن اللَّه أمرني أن آتيك وأجيبك عن كل ما تسألني،
فقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم يا ملعون كم أعداؤك من أمتي؟ قال خمسة عشر: أولهم
أنت، والثاني إمام عادل، والثالث غني متواضع، والرابع تاجر صادق، والخامس عالم
متخشع، والسادس مؤمن ناصح، والسابع مؤمن رحيم القلب، والثامن تائب ثابت على التوبة،
والتاسع، متورع عن الحران، والعاشر مؤمن يديم على الطهارة، والحادي عشر مؤمن كثير
الصدقة، والثاني عشر مؤمن حسن الخلق مع الناس، والثالث عشر مؤمن ينفع الناس،
والرابع عشر حامل القرآن يديم على تلاوته، والخامس عشر قائم بالليل والناس نيام، ثم
قال النبي صلى اللَّه عليه وسلم ومن رفقاؤك من أمتي؟ قال عشرة: أولها سلطان جائر،
والثاني غني متكبر، والثالث تاجر خائن، والرابع شارب الخمر، والخامس القتات،
والسادس صاحب الزنا، والسابع آكل مال اليتيم، والثامن المتهاون بالصلاة، والتاسع
مانع الزكاة، والعاشر الذي يطيل الأمل، فهؤلاء أصحابي وإخواني. وذكر في الخبر: أنه
كان في بني إسرائيل رجل متعبد في صومعة يقال له برصيصا العابد كان مستجاب الدعوة
وكان الناس يأتونه بمريضهم فكان يدعو فيبرأ المريض، فدعا إبليس الشياطين لعنهم
اللَّه وقال من يفتّن هذا فإنه قد أعياكم؟ قال عفريت من الشياطين أنا أفتنه فإن لم
أفتنه فلست لك بوّلي، فقال له إبليس أنت له، فانطلق الشيطان حتى أتى منزل ملك من
ملوك بني إسرائيل وله ابنة من أحسن النساء وهي جالسة مع أبيها وأمها وأخواتها
فخبلها، ففزعوا لذلك فزعاً شديداً فصارت بمنزلة لمجنونة وكانت على ذلك أياماً ثم
أتاهم على صورة إنسان فقال لهم إن أردتم أن تبرأ فلانة فاذهبوا بها إلى الراهب فلان
يعوذها ويدعو لها: فذهبوا بها إليه فدعا لها فبرأت من علتها، فلما رجعوا بها عاودها
ذلك فأتاهم الشيطان فقال لهم إن أردتم أن تبرأ فلانة فاجعلوها عنده أياماً،
فانطلقوا بها إليه ليضعوها عنده، فأبى الراهب أن يقبلها فألحوا عليه وتركوها عنده،
فكان الراهب يظل صائماً ويمسي قائماً فلا يتعرض الشيطان للجارية، فإذا جلس الراهب
ليطعم أظهر خبلها وكشفها فيعرض الراهب عنها بوجهه حتى طال ذلك، فنظر يوماً إلى
وجهها وجسدها فرأى وجهاً وجسداً لم ير مثله، فلم يصبر على ذلك حتى قربها فحبلت منه،
ثم أتاه الشيطان فقال له إنك قد حبلتها وليس ينجيك مما صنعت بها من عقوبة الملك إلا
أن تقتلها وتدفنها عند صومعتك، فإذا سألوك عنها فقل أتى عليها أجلها فماتت فإنهم
يصدقونك، فقام إليها فذبحها ودفنها فجاؤوا يسألون عنها فأخبرهم بأنها قد ماتت
فصدقوه فرجعوا. وفي رواية: قال إنها برئت وذهبت إلى منزلها فصدقوه فرجعوا وجعلوا
يطلبونها من بيوت أقاربها، فانطلق الشيطان فقال لهم إن الراهب قد وقع عليها فأحبلها
فلما خشي أن يطلع على ذلك ذبحها ودفنها، فركب الملك في الناس مقبلاً، نحو الراهب
فحفروها فوجدوها مذبوحة، فأخذوا الراهب فصلبوه، ثم جاء الشيطان وهو مصلوب فقال أنا
الذي فعلت بك ما فعلت وأنا أنجيك من ذلك وأخبرهم بأنه ذبحها غيرك وهم يصدقونني بذلك
إن أنت سجدت لي سجدة من دون الله، فقال كيف أسجد على هذه الحالة؟ قال أنا أرضى أن
تومئ إليّ برأسك فسجد له سجدة: فقال له الشيطان أنا بريء منك، فذلك قوله تعالى
{كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ
إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّه رَبَّ العَالَمِينَ فَكَانَ
عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ
الظَّالِمِينَ}.
(قال الفقيه) رضي
اللَّه تعالى عنه، اعلم أن لك أربعة من الأعداء، فتحتاج أن تجاهد مع كل واحد منهم.
أحدها الدنيا وهي غرّارة مكارة قال اللَّه تعالى {وَمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا
إِلاَّ مَتَاعُ الغُرُورِ} وقال تعالى {وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ
الغَرُورُ}والثاني نفسك وهي شرّ الأعداء، والثالث الشيطان، والرابع شيطان الإنس
فاحذره فإنه أشدّ عليك من شيطان الجن، لأن شيطان الجن يكون أذاه بالوسوسة وشيطان
الإنس هو رفيق السوء يكون أذاه بالمواجهة والمعاينة، لا يزال يطلب عليك وجهاً يردّك
عما أنت فيه: وروى شدّاد بن أوس رضي اللَّه تعالى عنه عن رسول اللَّه صلى اللَّه
عليه وسلم أنه قال "الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت: يعني حاسب نفسه في
الدنيا وعمل الطاعة لكي تنفعه بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على
اللَّه عزّ وجل المغفرة" وروى عن عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام أنه قال: ليس
العجب ممن هلك كيف هلك، ولكن العجب ممن نجا كيف نجا: يعني أن الجنة قد حفت بالمكاره
والنار قد حفت بالشهوات، وأن في كل نفس شيطاناً يوسوس إليها وملكاً يلهمه، ولا يزال
الشيطان يزين ويخدع ولا يزال الملك يمنعه فأيهما كانت النفس معه كان هو
الغالب.