(قال الفقيه) أبو الليث السمرقندي رضي اللَّه تعالى عنه: حدثنا محمد بن
الفضل حدثنا محمد بن جعفر حدثنا إبراهيم بن يوسف حدثنا ابن علية عن أيوب قال "نبئت
أن أصحاب النبي صلى اللَّه عليه وسلم كانوا في منزل لهم فأشرف عليهم رجل فأعجبهم
شبابه وقوّته فقالوا لو أن هذا جعل شبابه وقوّته في سبيل اللَّه تعالى، فسمع
بذلك
النبي صلى اللَّه عليه وسلم فقال: أو ما في سبيل اللَّه إلا كل من قاتل أو غزا؟ من
سعى على نفسه ليعفها فهو في سبيل الله، ومن سعى على والديه
ليعفهما فهو في سبيل
الله، ومن سعى على عياله ليعفهم فهو في سبيل الله، ومن سعى مكاثراً فهو في سبيل
الشيطان".
(قال الفقيه) حدثنا محمد بن الفضل حدثنا
إبراهيم بن يوسف حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة عن أسماء عن ثوبان رضي
اللَّه تعالى عنه أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال "أفضل الدينار دينار ينفقه
الرجل على عياله، ودينار ينفقه الرجل على دابته في سبيل الله، ودينار ينفقه على
أصحابه في سبيل الله" قال أبو قلابة: بدأ بالعيال وأي رجل أعظم أجراً من رجل يسعى
على عياله الصغار. وعن أبي سلمة رضي اللَّه تعالى عنه عن النبي صلى اللَّه عليه
وسلم أنه قال "إنما الصدقة عن ظهر غني، واليد العليا خير من اليد السفلى وأبدأ بمن
تعول".
(قال الفقيه) رحمه الله: سمعت أبي رحمه اللَّه تعالى قال: كان ثابت
البناني عند أنس بن مالك رضي اللَّه تعالى عنهما فذكر أنه سمع رسول اللَّه صلى
اللَّه عليه وسلم يقول "إن اللَّه عز وجل قد ضمن دين العبد إذا استدان في ثلاثة:
أحدها من قبل النكاح مخافة الفجور ثم لم يقدر على قضائها حتى مات فقد ضمن اللَّه
دينه أن يقضى عنه يوم القيامة، والثاني دينه لإعانة المسلمين ليخرج إلى الغزو،
والثالث إذا استدان لكفن الميت فإن اللَّه تعالى يرضى خصماءه يوم القيامة" فدخل
ثابت البناني رحمه اللَّه تعالى على الحسن البصري رحمه اللَّه تعالى فذكر له ما سمع
من أنس رضي اللَّه تعالى عنه، فقال الحسن البصري: قد كبر أنس وضعف ونسى ما هو
الأفضل من ذلك بل ضمن اللَّه تعالى مع هؤلاء رجلاً استدان لينفق على عياله واجتهد
على قضائه فلم يبلغ حتى مات لم يكن بين خصمائه وبينه خصومة يوم القيامة. وروى أبو
هريرة رضي اللَّه تعالى عنه عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال: إن في السماء
ملكين ما لهما عمل إلا يقول أحدهما: اللهم أعط لمنفق خلفا، ويقول الآخر: اللهم عجل
لممسك تلفا" وروى مكحول رضي اللَّه تعالى عنه عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه
قال: "من طلب الدنيا حلالا استعفافا عن المسألة وسعياً على عياله وتعطفا على جاره
جاء يوم القيامة ووجهه كالقمر ليلة البدر، ومن طلب الدنيا حلالا مكاثرا مفاخرا
مرائياً لقي اللَّه يوم القيامة وهو عليه غضبان".
(قال الفقيه) رحمه اللَّه تعالى: حدثني أبي رحمه اللَّه تعالى حدثنا
محمد بن جناح حدثنا أبو حفص علي بن إسحاق، عن أبي معاوية عن سعيد بن أبي عروبة عن
قتادة عن أنس بن مالك رضي اللَّه تعالى عنه قال "قلت يا رسول اللَّه رغيف أتصدق به
أحب إليك أم مائة ركعة تطوّعا؟ قال رغيف تتصدق به أحب إلي من مائتي ركعة تطوعا، قلت
يا رسول اللَّه قضاء حاجة المسلم أحب إليك أم مائة ركعة تطوّعا؟ قال قضاء حاجة
المسلم أحب إليّ من ألف ركعة تطوّعا. قال: قلت: قلت ترك لقمة من الحرام أحب إليك أم
ألف ركعة تطوّعا قال ترك لقمة من حرام أحب إليّ من ألفي ركعة تطوّعا. قال: قلت يا
رسول اللَّه ترك الغيبة أحب إليك أم
ألف ركعة تطوّعا؟ قال ترك الغيبة أحب إليّ من عشرة آلاف ركعة تطوّعا؟ قال: قلت يا
رسول اللَّه قضاء حاجة الأرملة أحب إليك أم عشرة آلاف ركعة تطوّعا؟ قال قضاء حاجة
الأرملة أحب إليّ من ثلاثين ألف ركعة تطوّعا. قال: قلت يا رسول اللَّه الجلوس مع
العيال أحب إليك أم الجلوس في المسجد، قال الجلوس ساعة عند العيال أحب إليّ من
الاعتكاف في مسجدي هذا. قال: قلت يا رسول اللَّه النفقة على العيال أحب إليك أم
النفقة في سبيل الله؟ قال درهم ينفقه الرجل على العيال أحبّ إليّ من ألف دينار
ينفقه في سبيل الله. قال: قلت يا رسول اللَّه برّ الوالدين أحب إليك أن عبادة ألف
سنة؟ قال يا أنس جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا فبرّ الوالدين أحب إليّ
من عبادة ألفي ألف سنة".
(قال الفقيه) رضي اللَّه تعالى عنه: حدثنا الخليل بن أحمد حدثنا
ابن معاذ حدثنا الحسين المروزي حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش عن سالم بن أبي الجعد
عن أبي كبشة الأنماري قال (ضرب لنا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم مثل الدنيا
كمثل أربعة رجال (رجل أتاه اللَّه علماً وأتاه مالاً فهو يعمل بعلمه في ماله، ورجل
آتاه اللَّه علماً ولم يؤته مالاً فيقول لو أن اللَّه تعالى آتاني مثلما آتى فلاناً
لفعلت فيه مثلما يفعل فهما في الأجر سواء، ورجل آتاه اللَّه مالاً ولم يؤته علماً
فهو يمنعه من حقه وينفقه في الباطل، ورجل لم يؤتيه مالاً ولم يؤته علماً فيقول لو
أن اللَّه تعالى آتاني مثلما آتى فلاناً لفعلت فيه مثلما يفعل، فهما في الوزر
سواء).
(قال الفقيه) رحمه اللَّه تعالى: حدثنا الفقيه أبو جعفر حدثنا إسحاق بن
عبد الرحمن القاري حدثنا أبو عيسى موسى بن هرون الطوسي ببغداد حدثنا أبو معاوية عن
عمرو حدثنا طعمة بن عمرو عن أبي إسمعيل أبي رجاء عن رجل من أهل البصرة عن أنس بن
مالك رضي اللَّه تعالى عنه عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "إن في
الجنة لغرفا يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها، قيل ومن سكانها يا رسول الله؟
قال الذين يطعمون الطعام ويطيبون الكلام ويديمون الصيام ويفشون السلام ويصلون
بالليل والناس نيام، قالوا يا رسول اللَّه إن هؤلاء أهل لذلك، ومن يطيق ذلك؟ قال
فمن قال سبحان اللَّه والحمد لله ولا إله إلا اللَّه والله أكبر فقد أطاب الكلام،
ومن أطعم أهله فقد أطعم الطعام، ومن صام رمضان فقد أدام الصيام، ومن لقى أخاه فسلم
عليه فقد أفشى السلام، ومن صلى العشاء الآخرة والفجر فقد صلى بالليل والناس نيام"
يعني اليهود والنصارى والمجوس.