(قال الفقيه) أبو الليث السمرقندي: حدثنا أبو القاسم عبد الرحمن بن
محمد حدثنا فارس بن مردويه حدثنا محمد بن الفضل حدثنا علي بن يونس العابد عن أبي
عون البصري عن سلمة بن ضرار عن رجل من أهل الشام قال "جاء رجل إلى النبي صلى اللَّه
عليه وسلم فقال أخبرني بعمل واحد أدخل به الجنة؟ قال كن مؤذن قومك يجمعوا بك
صلاتهم، قال رسول اللَّه إن لم أطق؟ قال كن إمام قومك يقيموا بك صلاتهم، قال فإن لم
أطق، قال فعليك بالصف الأول". وروى وكيع عن عبد اللَّه بن الوليد عن محمد بن نافع
عن عائشة رضي اللَّه تعالى عنها قالت:
نزلت هذه الآية في المؤذنين {وَمَنْ أَحْسَنُ
قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّه وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ
إِنَّنِي مِنْ المُسْلِمِينَ} يعني دعا الخلق إلى الصلاة وصلى بين الآذان والإقامة.
وروى القاسم عن أبي أمامة الباهلي رضي اللَّه تعالى عنه أن النبي صلى اللَّه عليه
وسلم قال "يغفر للمؤذن مد صوته وله مثل أجر من صلى معه من غير أن ينقص من أجرهم
شيء" وعن سعد بن أبي وقاص رضي اللَّه تعالى عنه عن خولة بنت الحكم السلمية قالت:
قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم "المريض ضيف اللَّه ما دام في مرضه يرفع له
كل يوم عمل سبعين شهيداً فإن عافاه من مرضه خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه فإن قضى
عليه بالموت أدخله الجنة بغير حساب، والمؤذن هو حاجب اللَّه تعالى يعطيه بكل ذان
ثواب ألف نبي، والإمام وزير اللَّه يعطيه بكل صلاة ثواب ألف صديق، والعالم وكيل
اللَّه تعالى يعطيه بكل حديث نورا يوم القيامة وكتب اللَّه له بكل حديث عبادة ألف
سنة، والمتعلمون من الرجال والنساء هم خدم اللَّه فما جزاؤهم إلا
الجنة".
(قال الفقيه) رضي اللَّه تعالى عنه: قوله "حاجب الله" على وجه المثل،
يعني يعلم الناس وقت الدخول على ربهم كالحاجب للملك، يأذن للناس بالدخول وقت الإذن،
وكذلك قوله "وزير الله" يعني أن الناس يقتدون به في صلاته وصلاتهم تتم بصلاته، وعن
النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "من أذن سبع سنين أعتقه اللَّه من سبع دركات من
النار بعد أن يحسن نيته" وعن عطاء بن يسار أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال "يغفر
للمؤذن مدّ صوته ويصدقه كل ما سمعه من رطب ويابس"، وعن أبي سعيد الخدري رضي اللَّه
تعالى عنه قال: إذا كنت في هذه البوادي فأذنت فارفع صوتك فإني سمعت النبي صلى
اللَّه عليه وسلم يقول "لا يسمع مدى صوت المؤذن شجر ولا حجر ولا مدر ولا إنس ولا
جان إلا شهد له يوم القيامة عند اللَّه تعالى"، قال: وحدثني محمد بن الفضل بإسناده
عن معاذ بن جبل رضي اللَّه تعالى عنه أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال "يبعث
اللَّه يوم القيامة بلالا على ناقة من نوق الجنة يؤذن على ظهرها، فإذا قال أشهد أن
لا إله إلا اللَّه وأشهد أن محمدا رسول اللَّه نظر الناس بعضهم إلى بعض فقالوا نشهد
على مثل ما تشهد حتى يوافي المحشر، فإذا وافى المحشر يؤتى بحلل من حلل الجنة فأوّل
من يكسى بلال وصالحوا المؤذنين"، قال قتادة: ذكر لنا أن أبا هريرة رضي اللَّه تعالى
عنه كان يقول: "المؤذنون أطول الناس أعناقا يوم القيامة، فأوّل من يقضى له يوم
القيامة الشهداء والمؤذنون بعد الأنبياء فيدعى مؤذن الكعبة ومؤذن بيت المقدس ثم
تتابع المؤذنون" وعن ابن مسعود رضي اللَّه تعالى عنه قال: لو كنت مؤذنا لما باليت
أن لا أغزو، وعن سعد بن أبي وقاص رضي اللَّه تعالى عنه قال: لو كنت مؤذنا لما باليت
أن لا أجاهد، وعن عمر بن الخطاب رضي اللَّه تعالى عنه قال: لو كنت مؤذنا لما باليت
أن لا أحج ولا أعتمر بعد حجة الإسلام. وعن علي بن أبي طالب رضي اللَّه تعالى عنه
قال: ما أتأسف على شيء إلا أني
وددت أنى كنت سألت النبي صلى اللَّه عليه وسلم الأذان للحسن والحسين، وروى عن النبي
صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "ما من مدينة يكثر
المؤذنون فيها إلا فلّ بردها"، وعن
جابر بن عبد اللَّه رضي اللَّه تعالى عنهما أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال "إذا
نادى المؤذنون بالأذان هرب الشيطان حتى يكون بالروحاء" وهي ثلاثون ميلاً من
المدينة.
(قال الفقيه) رضي اللَّه تعالى عنه: يحتاج المؤذن إلى عشر خصال حتى
ينال فضل المؤذنين: أوّلها أن يعرف ميقات الصلاة ويحفظها، والثاني أن يحفظ حلقه فلا
يؤذي حلقه لأجل الأذان، والثالث إذا كان غائبا لا يسخط على من أذن في مسجده،
والرابع أن يحسن الأذان، والخامس أن يطلب ثوابه من اللَّه تعالى ولا يمنّ على
الناس، والسادس أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويقول الحق للغني والفقير،
والسابع أن ينتظر الإمام بقدر ما لا يشق علي القوم، والثامن أن لا يغضب على من أخذ
مكانه في المسجد، والتاسع أن لا يطوّل الصلاة بين الأذان والإقامة، العاشر أن
يتعاهد مسجده فيطهره من القذر ويجنب الصبيان عنه. ويحتاج الإمام إلى عشر خصال حتى
تتم صلاته وصلاة من خلفه: أوّلها أن يكون قارئاً لكتاب اللَّه تعالى ولا يكون
لحاناً، والثاني أن تكون تكبيراته جزماً صحيحاً، والثالث أن يتم ركوعه وسجوده،
والرابع أن يحفظ نفسه من الحرام والشبهة، والخامس أن يحفظ ثيابه وبدنه عن الأذى،
والسادس أن لا يطول القراءة إلا برضا القوم، والسابع أن لا يعجب بنفسه، والثامن أن
لا يدخل في الصلاة حتى يستغفروا اللَّه تعالى من جميع ذنوبه لأنه شفيع لمن خلفه،
والتاسع إذا سلم لا يخص نفسه بالدعاء فيخون القوم، والعاشر إذا نزل في مسجده غريب
يسأله عما يحتاج إليه، وروى أبو سعيد الخدري رضي اللَّه تعالى عنه عن النبي صلى
اللَّه عليه وسلم أنه قال "خمسة أضمن لهم الجنة: المرأة الصالحة المطيعة لزوجها
والولد المطيع لأبويه والمتوفي في طريق مكة،
وصاحب الخلق الحسن، ومن أذن في مسجد من المساجد إيماناً واحتساباً"، وروى عن أبي
هريرة رضي اللَّه تعالى عنه عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "الإمام ضامن
والمؤذن مؤتمن اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين".
(قال الفقيه) رضي اللَّه
تعالى عنه: سمى المؤذن مؤتمناً لأن الناس أئتمنوه في أمر صلاتهم وصومهم، فمن حق
المسلم على المؤذن أن لا يؤذن لصلاة الفجر حتى يطلع الفجر كي لا يشتبه عليهم أمر
صلاتهم وسحورهم، ولا يؤذن لصلاة المغرب حتى تغرب الشمس لكي لا يشتبه عليهم أمر
فطورهم فمن هذا الوجه يكون مؤتمناً، والإمام ضامناً لأنه قد ضمن صلاة القوم فتفسد
صلاتهم بصلاته وتصح صلاتهم بصلاته، قال: وأخبرني عبد الوهاب عن محمد بن الفضلاني
بسمرقند بإسناده عن أنس بن مالك رضي اللَّه تعالى عنه أن رسول اللَّه صلى اللَّه
عليه وسلم قال "ثلاثة يقومون يوم القيامة على كشبان المسك لا يهولهم الحساب ولا
يحزنهم الفزع
الأكبر: رجل أمّ قوما وهم له راضون، ورجل أذن الخمس ابتغاء وجه الله، وعبد أطاع ربه
وسيده" وروى أبو هريرة رضي اللَّه تعالى عنه عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال
"لا يحل لمسلم أن ينظر في بيت مسلم إلا بإذنه، فإن نظر فقد دمر ومن دمر فقد نقض
العهد، ولا يحل لمسلم يصلي وهو حافز حتى يخفف، ولا يحل لمسلم أن يؤم قوما إلا
بإذنهم فإن فعل قبلت صلاته وردت صلاته، ولا يخص الإمام نفسه بالدعاء فإن فعل ذلك
فقد خانهم". وعن أبي صالح عن أبي هريرة رضي اللَّه تعالى عنه قال: قال رسول اللَّه
صلى اللَّه عليه وسلم "لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول لاستهموا عليهما،
ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه، ولو يعلمون ما في شهود العتمة والصبح
لأتوهما ولو حبوا"، وروى جويبر عن الضحاك قال "لما رأى عبد اللَّه بن زيد الأذان في
المنام وعلمه بلالاً فأمر النبي صلى اللَّه عليه وسلم بلالاً أن يصعد السطح ويؤذن
فلما افتتح الأذان سمعوا هدة بالمدينة، فقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم أتدرون ما
هذه الهدّة؟ قالوا اللَّه ورسوله أعلم، قال إن ربكم أمر بأبواب السماء ففتحت إلى
العرش لأذان بلال، فقال أبو بكر رضي اللَّه تعالى عنه هذا لبلال خاصة أو للمؤذنين
عامة؟ قال بل للمؤذنين عامة، وإن أرواح المؤذنين مع أرواح الشهداء، فإذا كان يوم
القيامة نادى مناد أين المؤذون؟ فيقومون على كثبان المسك والكافور" وروى أنس بن
مالك رضي اللَّه تعالى عنه عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال "خمسة ليس لهم
صلاة: المرأة الساخطة على زوجها والعبد الآبق من سيده حتى يرجع، والمصارم الذي لا
يكلم أخاه فوق ثلاثة أيام، ومدمن الخمر، وإمام قوم يصلي بهم وهم له
كارهون".
(قال الفقيه) رحمه اللَّه تعالى: كراهية القوم على وجهين: إن كانت
كراهتهم لفساد فيه أو كان لحانا بالقراءة وهم يجدون غيره أو كان في الجماعة من هو
أعلم منه فهذا الذي يكره وكره له أن يؤمهم، وإن كانت كراهيتهم لأنه يأمر بالمعروف
فيبغضونه أو للحسد وليس في الجماعة من هو أعلم منه فكراهيتهم باطلة وله أن يؤمهم
وإن رغم أنفهم، وروى جابر بن عبد اللَّه رضي اللَّه تعالى عنهما عن رسول اللَّه صلى
اللَّه عليه وسلم أنه قال "المؤذنون المحتسبون يخرجون يوم القيامة من قبورهم وهم
يؤذنون فالمؤذن يشهد له كل شيء يسمع صوته من حجر أو شجر أو مدر أو بشر أو رطب أو
يابس، ويغفر اللَّه لهم مدّ صوته ويكتب لهم من الأجر بعدد من يصلي بأذانه، ويعطيه
اللَّه ما يسأل بين الأذان والإقامة إما أن يعجله في الدنيا أو يدخره في الآخرة
وإما أن يصرف عنه السوء، وأوّل من يكسى يوم القيامة من كسوة الجنة إبراهيم ثم محمد
عليهما الصلاة والسلام، ثم يكسى الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ثم المؤذنون
المحتسبون وتتلاقاهم الملائكة بنجائب من ياقوت أحمر يشيع كل رجل منهم سبعون ألف ملك
من قبره إلى المحشر" قال ابن عباس رضي اللَّه
تعالى عنهما: ثلاثة يعصمهم اللَّه تعالى من عذاب القبر "المؤذن والشهيد والمتوفي
يوم الجمعة أو في ليلة الجمعة. وعن عبد الأعلى التيمي أنه قال: ثلاثة على كثبان
المسك حتى يفرغ الناس من الحساب: إمام قوم يلتمس به وجه اللَّه تعالى، ورجل قرأ
القرآن يلتمس به وجه اللَّه تعالى، ومؤذن ينادي بالصلاة يلتمس به وجه اللَّه
تعالى"، وروى عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "من قال مثل ما يقول المؤذن
كان له مثل أجره وروى في خبر آخر أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم كان إذا قال المؤذن
اللَّه أكبر يقول معه وكذلك في الشهادتين وإذا قال حيّ على الصلاة حي على الفلاح
قال لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
(قال الفقيه) رضي اللَّه تعالى عنه: ينبغي للرجل إذا سمع الأذان أن
يستمع ويعظم ويقول مثل ما يقول المؤذن فإذا انتهى إلى قوله حي على الصلاة يقول لا
حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وإذا قال حي على الفلاح يقول ما شاء اللَّه
كان، وينبغي أن يعرف تفسير الأذان ومعناه فإن لكل كلمة منه ظهراً وبطناً فإذا قال
المؤذن اللَّه أكبر اللَّه أكبر تفسيره في الظاهر اللَّه أعظم ثم اللَّه أعظم
وأجلّ، ومعناه اللَّه أعظم وعمله أوجب فاشتغلوا بعمله واتركوا أشغال الدنيا، وإذا
قال أشهد أن لا إله إلا اللَّه فتفسيره أشهد أنه واحد لا شريك له ومعناه أن اللَّه
قد أمركم بأمر فاتبعوا أمره فإنه لا ينفعكم أحد إلا اللَّه ولا ينجيكم أحد من عذابه
إن لم تؤدوا أمره، وإذا قال أشهد أن محمداً رسول اللَّه فتفسيره وأشهد أن محمدا
رسول اللَّه أي اللَّه أرسله إليكم لتؤمنوا به وتصدقوّه ومعناه أنه قد أمركم بإقامة
الجماعة فاتبعوا ما أمركم به، فإذا قال حيّ على الصلاة فتفسيره أسرعوا إلى أداء
الصلاة ومعناه حان وقت الصلاة فأقيموها ولا تؤخروها عن وقتها وصلوها بالجماعة، وإذا
قال حي على الفلاح فتفسيره أسرعوا إلى النجاة والسعادة ومعناه أن اللَّه تعالى جعل
الصلاة سبباً لنجاتكم وسعادتكم فأقيموها تنجو من عذابه، وإذا قال اللَّه أكبر
اللَّه أكبر فتفسيره أن اللَّه تعالى أعظم وأجلّ ومعناه أن عمله أوجب فلا تؤخروا
عمله، وإذا قال لا إله إلا اللَّه فتفسيره اعلموا أنه واحد لا شريك له ومعناه
أخلصوا صلاتكم لوجه اللَّه تعالى، والله سبحانه وتعالى أعلم.
باب الطهارة
والنظافة
(قال الفقيه) أبو الليث السرقندي رحمه اللَّه تعالى: حدثنا أبو جعفر
حدثنا أبو بكر ابن أحمد بن محمد بن سهل القاضي حدثنا إبراهيم بن خنيس عن أبيه عن
إسمعيل رضي اللَّه تعالى عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم "عليكم
بالسواك فإن فيه عشر خصال: مطهرة للفم ومرضاة للرب ومفرحة للملائكة ومجلاة للبصر
ويبيض الأسنان ويشدّ اللثة ويذهب الحفر ويهضم الطعام ويقطع البلغم وتضاعف به
الصلوات ويطيب النكهة، وهو طريق القرآن"
قال: حدثنا محمد بن الفضل حدثنا محمد بن جعفر حدثنا إبراهيم بن يوسف حدثنا وكيع عن
الأوزاعي عن حسان بن عطية رفعه إلى النبي (ص) قال "الوضوء شطر الإيمان والسواك شطر
الوضوء ولولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة، وركعتان يستاك فيهما
العبد أفضل من سبعين ركعة لا يستاك فيها".
(قال الفقيه) رضي اللَّه تعالى عنه: حدثنا محمد بن أحمد بن حمدان حدثنا
الحسين ابن علي الطوسي حدثنا محمد بن شوكة حدثنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا أبي عن أبي
إسحق عن مُحمد بن إبراهيم التيمي عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي اللَّه تعالى عنه عن
النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال: "خمس من الفطرة: قص الشارب وتقليم الأظافر
وحلق العانة ونتف الإبط والسواك". قال ابن عمر رضي اللَّه تعالى عنهما: السواك بعد
الطعام أفضل من وصيفتين، وروى عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "لا يزال
جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه، ولا يزال يوصيني بالمماليك حتى ظننت أنه
يجعل لعتقهم وقتا، ولا يزال يوصيني بالسواك حتى ظننت أنه يدردني: يعني يذهب اللثة،
ولا يزال يوصيني بالنساء حتى ظننت أنه يحرم الطلاق، ولا يزال يوصيني بصلاة الليل
حتى ظننت أن خيار أمتي لا ينامون بالليل". وروى عن الأعمش عن مجاهد قال "أبطأ جبريل
على النبي صلى اللَّه عليه وسلم ثم أتاه فقال ما حبسك يا جبريل؟ قال وكيف نأتيكم
وأنتم لا تقلمون أظفاركم ولا تأخذون من شواربكم ولا تنقون براجمكم ولا تستاكون، ثم
قال: وما نتنزل إلا بأمر ربك". وروى عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "حق على
كل مسلم الغسل يوم الجمعة والسواك والطيب" وعن حميد بن عبد الرحمن قال: من قص
أظفاره يوم الجمعة أخرج اللَّه منه الداء وأدخل فيه الشفاء. وروى عن رسول اللَّه
صلى اللَّه عليه وسلم "أنه لما دخل الجنة ليلة أسرى به إلى السماء استقبله الحور
العين فقلن يا محمد قل لأمتك حتى يستاكوا فكلما استاكوا ازددنا
حسناً".
وروى ابن شهاب عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال: "من قلم
أظفاره يوم الجمعة كان له أماناً من الجذام". وروى في بعض الأخبار أن النبي صلى
اللَّه عليه وسلم وقت في كل أربعين يوماً حلق العانة وفي كل جمعة قص الأظفار" وعن
النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال: "طيبوا أفواهكم فإن أفواهكم طرق
القرآن".
(قال الفقيه) رحمه اللَّه تعالى: السواك على ثلاثة أوجه: إما أن يريد
به وجه اللَّه تعالى وإقامة السنة، وإما أن يريد به نفع نفسه، وإما أن يريد به وجه
الناس، فإن أراد به وجه اللَّه تعالى وإقامة السنة فهو مأجور وكل صلاة تعدل سبعين
كما جاء في الخبر، وإن أراد به منفعة نفسه فلا أجر له وهو محاسب به، وإن أراد به
الرياء فهو محاسب به آثم وعن طاوس عن ابن عباس رضي اللَّه تعالى عنهما في قوله
تعالى {وَإِذْ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ
إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً} قال: ابتلاه بطهارة خمس في الرأس وخمس في
الجسد، فأما التي في الرأس: فقص الشارب والمضمضمة والاستنشاق والسواك وفرق
الرأس، وفي الجسد: تقليم الأظافر والختان ونتف الإبط وحلق العانة والاستنجاء
بالماء.