(قال الفقيه) أبو الليث
السمرقندي رحمه اللَّه تعالى: حدثنا محمد بن الفضل حدثنا محمد بن جعفر حدثنا
إبراهيم بن يوسف حدثنا معاوية عن الأعمش عن الحجاج عن إبراهيم عن عبد الرحمن عن عبد
اللَّه بن أبي أوفى رضي اللَّه تعالى عنهم قال "أتى النبي صلى اللَّه عليه وسلم رجل
من الأعراب فقال يا نبي اللَّه علمني ما يجزيني من القرآن؟
فإني لا أحفظ شيئاً من
القرآن فقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم قل سبحان اللَّه والحمد لله ولا إله إلا
اللَّه والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العليّ العظيم فعدها في يده خمسة فمضى
هنيهة، ثم رجع فقال يا رسول اللَّه هؤلاء لربي فما لي؟ قال قل اللهم اغفر لي
وارحمني واهدني وارزقني وعافني فعدها بيده الأخرى خمساً، ثم انطلق فقال النبي صلى
اللَّه عليه وسلم لقد ملأ الأعرابي يديه من الخير إن هو وفى بما قال".
(قال
الفقيه) رضي اللَّه تعالى عنه: معنى قوله علمني ما يجزيني من القرآن؟ يعني إذا علم
من القرآن ما يقرأ في الصلاة فلابد له من ذلك فإن لم يعلم أكثر من ذلك واستعمل هذه
الكلمات يرجى له أن ينال فضل من يقرأ القرآن.
(قال الفقيه) رحمه الله: حدثنا أبو
الحسين القاسم بن محمد بن روزبة حدثنا عيسى بن خشنام حدثنا سويد عن مالك عن يزيد بن
حفصة عن عمرو بن عبد اللَّه بن كعب عن نافع عن ابن جبير عن عثمان بن أبي العاص قال
"أتاني رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وبي وجع كاد أن يهلكني، فقال النبي صلى
اللَّه عليه وسلم امسحه بيمينك سبع مرات وقل أعوذ بعزة اللَّه وقدرته من شر ما أجد
وأحاذر. قال فقلت ذلك فأذهب اللَّه ما كان" قال: حدثنا محمد بن الفضل حدثنا محمد بن
جعفر حدثنا إبراهيم بن يوسف حدثنا هشام عن ابن جريج عن عطاء رضي اللَّه تعالى عنهم
قال: من صلى اثنتي عشرة ركعة لا يتكلم فيها ثم قرأ في آخرها سبع مرات بفاتحة الكتاب
وآية الكرسي سبع مرات، وقال لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له الملك
وله لحمد وهو على كل شيء
قدير عشر مرات، ثم سجد فقال اللهم إني أسألك بمعاقد العز من عرشك ومنتهى الرحمة من
كتابك وباسمك العظيم وجدك الأعلى وكلماتك التامة ثم دعا استجيب له، وعن ميمونة بنت
سعد وكانت خادمة لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قالت "مرّ النبي صلى اللَّه
عليه وسلم بسلمان رضي اللَّه تعالى عنه وهو يدعو في دبر الصلاة فقال يا سلمان ألك
حاجة إلى ربك؟ قال نعم يا رسول اللَّه قال فقدم بين يدي دعائك ثناء على ربك وصفه
كما وصف نفسه وسبحه تسبيحاً وتحميداً وتهليلا، فقال سلمان وكيف أقدم ثناء يا رسول
الله؟ قال تقرأ فاتحة الكتاب ثلاثا فإنها ثناء اللَّه تعالى، قال فكيف أصف؟ قال
تقرأ سورة الصمد ثلاثا فإنها صفة اللَّه وصف بها نفسه قال فكيف أسبحه قال قل سبحان
اللَّه والحمد لله ولا إله إلا اللَّه والله أكبر ثم تسال حاجتك" وعن عبد اللَّه بن
مسعود رضي اللَّه تعالى عنه قال: من قال أستغفر اللَّه العظيم الذي لا إله إلا هو
الحي القيوم وأتوب إليه ثلاث مرات دبر صلاته غفر اللَّه ذنوبه وإن كانت مثل زبد
البحر.
(قال الفقيه) رحمه
الله: إذا كان الاستغفار مع ندامة القلب. وعن الحسن بن علي رضي اللَّه تعالى عنهما
أنه قال: أنا ضامن لمن قرأ عشرين أية من شر كل شيطان مارد وسلطان ظالم ولص عاد وسبع
ضار لا يضره وهي آية الكرسي، وثلاث آيات من سورة الأعراف {إِنَّ رَبَّكُمْ اللَّه
الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ} إلى قوله {قَرِيبٌ مِنْ المُحْسِنِينَ }
وعشر آيات من أول سورة والصافات إلى قوله {شِهَابٌ ثَاقِبٌ} وثلاث آيات من سورة
الرحمن {يَا مَعْشَرَ الجِنِّ وَالإِنسِ} إلى قوله {فَلا تَنتَصِرَانِ} وثلاث آيات
من آخر سورة الحشر {هُوَ اللَّه الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ} إلى آخر السورة. وعن
أبي هريرة رضي اللَّه تعالى عنه "أن رجلاً من بني أسلم قال للنبي صلى اللَّه عليه
وسلم ما نمت هذه الليلة، فقال له رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم من أي شيء؟ قال
لدغتني عقرب، فقال له النبي صلى اللَّه عليه وسلم أما أنك لو قلت حين أمسيت أعوذ
بكلمات اللَّه التامات كلها من شرّ ما خلق لم يضرك شيء إن شاء اللَّه تعالى". وعن
سعيد بن المسيب عن معاذ بن جبل رضي اللَّه تعالى عنه "أن النبي صلى اللَّه عليه
وسلم افتقده يوم الجمعة، فلما صلى أتاه معاذ، فقال مالي لم أرك؟ قال يا رسول اللَّه
كان لفلان اليهودي عليّ دين فخشيت إن خرجت أن يحبسني عنك، فقال يا معاذ ألا أعلمك
دعاء تدعو به لو كان عليك من الدين مثل كذا وكذا إلا أدّاه اللَّه عنك؟ قال بلى:
قال فادع بعد أن تقرأ {قُلْ اللَّهُمَّ مَالِكَ المُلْكِ} إلى قوله {بِغَيْرِ
حِسَابٍ} يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما تعطي منهما من تشاء وتمنع منهما من تشاء
فارحمني رحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك" ويقال هذا دعاء لو دعى به أسير لفك
اللَّه به أسره. وعن أبي أمامة الباهلي رضي اللَّه تعالى عنه عن رسول اللَّه صلى
اللَّه عليه وسلم إنه قال "من قال حين يصبح اللهم
لك
لحمد لا إله إلا أنت
ربي وأنا عبدك آمنت بك مخلصاً لك ديني أصبحت على عهدك ووعدك ما استطعت وأتوب إليك
من سيء عملي وأستغفرك لذنوبي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، فإن مات في يومه وجبت له
الجنة، وإن قالها حين يمسي فمات في ليلته وجبت له الجنة إلا أنه يقول أمسيت" وعن
أبان بن عثمان عن أبيه عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "من أصبح وقال
بسم اللَّه الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث
مرات لم يصبه بلاء حتى يمسي، وإن قالها حين يمسي لم يصبه بلاء حتى يصبح" ويقال أنه
لما أصاب أبان الفالج نعوذ بالله قالوا له أين كنت مما تحدثنا به؟ قال أما والله ما
كذبت ولكن اللَّه لما أراد أن يبتليني بالذي ابتلاني أنساني ذلك الدعاء. وعن نافع
عن ابن عمر رضي اللَّه تعالى عنهما قال "شهدت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وقد
أتاه رجل فقال يا رسول اللَّه قلت ذات يدي؟ قال فأين أنت من صلاة الملائكة وتسبيح
الخلائق وما به يرزقون. قال ما هو يا رسول الله؟ قال سبحان اللَّه وبحمده سبحان
اللَّه العظيم أستغفر اللَّه مائة مرة ما بين طلوع الفجر إلى أن تصلي صلاة الغداة
تأتيك الدنيا صاغرة راغمة" وعن عروة عن عائشة رضي اللَّه تعالى عنهما قالت "كان
النبي صلى اللَّه عليه وسلم إذا أراد أن ينام جمع كفيه ثم نفث فيهم وقرأ قل هو
اللَّه أحد والمعوذتين ثم مسح بهما وجهه ورأسه وسائر
جسده.
وروى إبراهيم بن الحكم
عن أبيه عن عكرمة رضي اللَّه تعالى عنه قال: بينما رجل مسافر إذ مرّ برجل نائم فرأى
عنده شيطانين يقول أحدهما لصاحبه اذهب فافسد على هذا قلبه فلما دنا منه رجع إلى
صاحبه وقال لقد نام على آية ما لنا إليه من سبيل، فذهب صاحبه إلى النائم فلما دنا
منه رجع إلى صاحبه وقال صدقت فذهب، ثم إن المسافر أيقظه وأخبره بما رأى من
الشيطانين ثم قال: أخبرني على أي آية نمت؟ قال {إِنَّ رَبَّكُمْ اللَّه الَّذِي
خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى
العَرْشِ} إلى قوله تعالى: {إن رحمة اللَّه قريب من المحسنين} وعن عمران بن جرير عن
أبي مجلز قال: من خاف أميراً ظالماً فقال: رضيت بالله رباً بالإسلام دينا وبمحمد
صلى اللَّه عليه وسلم نبياً والقرآن إماماً وحكماً نجاه اللَّه منه. وروى مالك عن
يحيى بن سعيد قال "بلغني أن خالد بن الوليد قال يا رسول اللَّه إني أروع في منامي؟
فقال له رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: قل أعوذ بكلمات اللَّه التامات من غضبه
وعقابه وشر عباده ومن همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون" وعن النبي صلى اللَّه
عليه وسلم "أنه أخذ بيد معاذ رضي اللَّه تعالى عنه وقال أوصيك يا معاذ لا تدعن في
دبر كل صلاة أن تقول اللهم أعني على تلاوة ذكرك وشكرك وحسن عبادتك" وعن حذيفة بن
اليمان رضي اللَّه تعالى عنه قال "كان النبي صلى اللَّه عليه وسلم إذا استيقظ من
منامه قال الحمد لله لذي أحياني بعد ما أماتني وإليه النشور" وعن أبي هريرة رضي
اللَّه تعالى عنه عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "إذا حلم أحدكم حلماً
يخافه فليبزق عن شماله ثلاث مرات وليستعذ بالله من شره ثلاثاً فإنه لا يضره" وعن
أنس بن مالك رضي اللَّه تعالى عنه أنه قال "جاء رجل إلى رسول اللَّه صلى اللَّه
عليه وسلم وقال يا نبيّ اللَّه أيّ الدعاء أفضل؟ أن تسأل اللَّه ر بك العفو
والعافية في الدنيا والآخرة، ثم أتاه في اليوم الثاني فقال يا نبي اللَّه أي الدعاء
أفضل؟ فقال أن تسأل اللَّه العافية في الدنيا والآخرة، ثم أتاه في اليوم الثالث
فقال مثل ذلك فقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم إذا أعطيت العفو والعافية في الدنيا
والآخرة فقد أفلحت".
وروى عن ابن مسعود رضي
اللَّه تعالى عنه أنه كان إذا أراد السفر ركب دابته ثم يقول سبحان الذي سخر لنا هذا
وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون، اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في
الأهل، اللهم اطو لنا الأرض وهوّن علينا السفر، اللهم إنا نعوذ بك من وعثاء السفر
والحور بعد الكور وكآبة المنقلب وسوء المنظر في الأهل والمال والولد. وعن ابن مسعود
رضي اللَّه تعالى عنه أنه قال: إذا بنيت بأهلك فمرها أن تصلي ركعتين ثم خذ برأسها
وقل اللهم بارك لي في أهلي وبارك لأهلي فيّ وارزقها مني وارزقني منها واجمع بيننا
ما جمعت بخير وفرق بيننا ما فرقت بخير. وعن جعفر بن محمد رضي اللَّه تعالى عنهما
قال: عجبت ممن يبتلى بأربع كيف يغفل عن أربع: عجبت لمن يبتلى بالهمّ كيف لا يقول لا
إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين لأن اللَّه تعالى يقول {فَاسْتَجَبْنَا
لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنْ الغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي المُؤْمِنِينَ} وعجبت لمن خاف
شيئاً من السوء كيف لا يقول حسبي اللَّه ونعم الوكيل لأن اللَّه تعالى يقول
{فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنْ اللَّه وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ
وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّه وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} وعجبت لمن يخاف مكر
الناس كيف لا يقول وأفوض أمري إلى اللَّه إن اللَّه بصير بالعباد لأن اللَّه تعالى
يقول {فَوَقَاهُ اللَّه سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ
العَذَابِ} وعجبت لمن يرغب في الجنة كيف لا يقول ما شاء اللَّه ولا قوّة إلا بالله
لأن اللَّه تعالى يقول {فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِي خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ}
وقال قتادة "ذكر لنا أن رجلاً قال على عهد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم اللهم
ما كنت تعاقبني في الآخرة فعجله لي في الدنيا فمرض الرجل فأضنى حتى صار كأنه هامة
فأخبر به رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فأتاه فرفع رأسه وليس به حراك فقيل
يارسول اللَّه إنه كان يدعو بكذا وكذا فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يا
ابن آدم إنك لا تستطيع أن تقوم بعقوبة اللَّه ولكن قل اللهم {رَبَّنَا آتِنَا فِي
الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} فدعا بها
الرجل فبرئ" وذكر أنه لما مات عتبة للغلام رآه رجل في المنام فسأله ما فعل بك ربك؟
قال غفر لي ربي دعوات كنت أدعو بها وهي مكتوبة على الحائط فإذا هو مكتوب بخط عتبة
الغلام رحمه الله: اللهم يا هادي المضلين ويا راحم المذنبين ويا مقيل عثرات
العاثرين ارحم عبدك من ذا الخطر العظيم والمسلمين كلهم أجمعين" واجعلنا من الأخيار
المرزوقين مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن
أولئك رفيقاً برحمتك يا أرحم الراحمين. ويقال من دعا بهذه الخمس كلمات دبر كل صلاة
كتب من الأبدال: اللهم أصلح أمة محمد اللهم ارحم أمة محمد اللهم فرّج عن أمة محمد
اللهم اغفر لأمة محمد ولجميع من آمن بك. وروى أبان عن أنس بن مالك رضي اللَّه تعالى
عنه أن الحجاج بن يوسف غضب عليه وقال لولا كتاب عبد الملك بن مروان لفعلت بك كذا
وكذا، فقال أنس لا تستطيع ذلك، قال وما يمنعني من ذلك؟ قال دعوات علمنيها رسول
اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أدعو بها كل صباح ومساء، فقال علمنيها عليه فأبى فألح
عليه فأبى. قال أبان: فسألته عن ذلك حين مرض فقال ثلاث مرات: بسم اللَّه على نفسي
وديني. بسم اللَّه على أهلي ومالي وولدي، بسم اللَّه على كل ما أعطاني ربي، اللَّه
الله اللَّه ربي لا أشرك به شيئاً، اللَّه الله اللَّه ربي لا أشرك به شيئاً،
اللَّه أكبر اللَّه أكبر اللَّه أكبر وأعزّ وأجلّ مما أخاف وأحذر، اللهم أني أعوذ
بك من شرّ نفسي ومن كل شيطان مريد ومن شر كل جبار عنيد {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ
حَسْبِي اللَّه لا إِلَهَ إِلا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ العَرْشِ
العَظِيمِ} عزّ جارك جلّ ثناؤك ولا إله غيرك.