(قال الفقيه) رضي اللَّه تعالى عنه: حدثنا الخليل بن أحمد حدثنا أبو
جعفر الدبيلي. حدثنا أبو عبد اللَّه بن عمر.حدثنا سفيان عن عليّ بن زيد أبي نضرة عن
أبي سعيد الخدري رضي اللَّه تعالى عنه قال: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم
"إن الغضب جمرة من النار فمن وجد ذلك منكم فإن كان قائما فليجلس، وإن كان جالسا
فليضطجع" قال: حدثنا محمد بن الفضل حدثنا محمد بن جعفر. حدثنا إبراهيم بن يوسف
حدثنا المسيب عن محمد بن مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي اللَّه تعالى عنه أن رسول
اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال "إياكم والغضب فإنه يوقد في فؤاد ابن آدم النار
ألم ترَ إلى أحدكم إذا غضب كيف تحمرّ عيناه وتنتفخ أوداجه؟ فإذا أحس أحدكم بشيء من
ذلك فليضطجع وليلصق بالأرض"، وقال: "إن منكم من يكون سريع الغضب سريع القيء فأحدهما
بالآخر" يعني يكون أحدهما بالآخر قصاصاً "ومنكم من يكون بطيء القيء ويكون أحدهما
بالآخر، وخيركم من كان بطيء الغضب سريع القيء وشركم من كان سريع الغضب بطيء القيء"
وروى أبو أمامة الباهلي رضي اللَّه تعالى عنه عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم
أنه قال "من كظم غيظا وهو يقدر على أن يمضيه لم يمضه ملأ اللَّه قلبه يوم القيامة
رضا" ويقال: مكتوب في الإنجيل: يا ابن آدم اذكرني حين تغضب أذكرك حين أغضب، وارض
بنصرتي لك فإن نصرتي لك خير من نصرتك لنفسك. وروى عن عمر بن عبد العزيز أنه قال
لرجل أغضبه: لولا أنك أغضبتني لعاقبتك أراد بذلك قول اللَّه تعالى {وَالكَاظِمِينَ
الغَيْظَ} وذكر أنه رأى سكران فأراد أن يأخذه فيعزره فشتمه السكران فلما شتمه رجع
عمر، فقيل له يا أمير المؤمنين لما شتمك تركته؟ قال لأنه أغضبني فلو عزرته لكان
ذلك لغضب نفسي
ولا أحب أن أضرب مسلماً لحمية نفسي. وروى عن ميمون بن مهران أن جارية له جاءت بمرقة
فعثرت فصبت المرقة عليه فأراد ميمون أن يضربها فقالت الجارية يا مولاي استعمل قول
اللَّه تعالى {وَالكَاظِمِينَ الغَيْظَ} فقال قد فعلت، فقالت اعمل بما بعده
{وَالعَافِينَ عَنْ النَّاسِ} قال قد عفوت، فقالت اعمل بما بعده {وَاللَّهُ يُحِبُّ
المُحْسِنِينَ} فقال ميمون أحسنت إليك فأنت حرة لوجه اللَّه تعالى. وروى عن رسول
اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "من لم يكن فيه ثلاث خصال لم يجد طعم الإيمان:
حِلم يردّ به جهل الجاهل، وورع يحرُزه عن المحارم، وخُلُق يداري به الناس". وذكر عن
بعض المتقدمين أنه كان له فرس وكان معجبا به، فجاء ذات يوم فوجده على ثلاث قوائم
فقال لغلامه من صنع هذا؟ فقال أنا، قال: لم؟ قال أردت أن أغمك، قال لا جرم لأغمنّ
من أمرك به: يعني الشيطان: اذهب فأنت حرّ والفرس لك.
(قال الفقيه) رضي اللَّه تعالى عنه: ينبغي للمسلم أن يكون حليما وصبورا
فإن ذلك من خصال المتقين وقد مدح اللَّه تعالى الحليم في كتابه فقال تعالى
{وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ} يعني من صبر على الظلم وتجاوز عن ظالمه وعفا عنه {إِنَّ
ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} يعني من حقائق الأمور التي يثاب فاعلها على ذلك
وينال أجرا عظيما وقال في آية أخرى {تَسْتَوِي الحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ }
يعني لا تستوي الكلمة ا لحسنة والكلمة السيئة يعني لا ينبغي للمسلم أن يكافئ كلمة
حسنة بكلمة قبيحة ثم قال {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} يعني ادفع الكلمة
القبيحة بالكلمة التي هي أحسن {فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ
كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} يعني إنك إذا فعلت ذلك صار عدوّك صديقا لك مثل القريب
وقد مدح اللَّه تعالى خليله إبراهيم عليه السلام بالحلم فقال {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ
لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ} فالحليم المتجاوز والأواه الذي يذكر ذنوبه ويتأوه،
والمنيب الذي أقبل على طاعة اللَّه تعالى، وقد أمر اللَّه تعالى نبيه صلى اللَّه
عليه وسلم
بالصبر والحلم وأخبره أن الأنبياء الذين كانوا من قبله كانوا على ذلك
فقال تعالى {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا العَزْمِ مِنْ الرُّسُلِ} يعني اصبر
على تكذيب الكفار وأذاهم كما صبر الأنبياء الذين أمروا بالقتال مع الكفار، وأولو
العزم هم ذوو الحزم وهم الذين يثبتون على الأمر ويصبرون عليه، وقال الحسن في قوله
تعالى {وَإِذَا خَاطَبَهُمْ الجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً} يعني قالوا حلما وإن
جهل عليهم حلموا. وروى عن وهب بن منبه رضي اللَّه تعالى عنه قال: كان عابد في بني
إسرائيل أراد الشيطان أن يضله فلم يستطع، فخرج العابد ذات يوم لحاجة وخرج الشيطان
معه لكي يجد منه فرصة، فأتاه من قبل الشهوة والغضب فلم يستطع منه على شيء، فأتاه من
قبل الخوف وجعل يدلي عليه صخرة من الجبل فإذا بلغته ذكر اللَّه
تعالى فنأت عنه، ثم جعل يتمثل بالأسد والسباع فذكر اللَّه تعالى فلم يبال
به، ثم جعل يتمثل له بالحية وهو يصلي فجعل يلتوي على قدميه وجسده حتى بلغ رأسه،
وكان إذا أراد السجود التوى في موضع رأسه من السجود يعني وجهه فلما وضع رأسه ليسجد
فتح فاه ليلتقم رأسه فجعل ينحيه حتى استمكن من الأرض ليسجد، فلما فرغ من صلاته وذهب
جاء إليه الشيطان فقال أنا فعلت بك كذا وكذا فلم أستطع منك على شيء وقد بدا لي أن
أصادقك ولا أريد ضلالتك بعد اليوم، فقال له العابد: لا اليوم الذي خوّفتني بحمد
اللَّه ما خفت منك ولا لي حاجة اليوم في مصادقتك، فقال ألا تسألني عن أهلك ما
أصابهم بعدك؟ فقال له العابد أنا متّ قبلهم، فقال ألا تسألني عما أضلّ به بني آدم؟
قال بلى أخبرني بالذي تصل به إلى إضلال بني آدم؟ قال بثلاثة أشياء: الشح والغضب
والسكر، فإن الإنسان إذا كان شحيحا قللنا ماله في عينه فيمنعه من حقوقه ويرغب في
أموال الناس، وإذا كان الرجل غضوبا أدرناه بيننا كما يدير الصبيان الكرة بينهم ولو
كان يحيي الموتى بدعوته لم نيأس منه فإنما يبني ويهدم في كلمة واحدة، وإذا سكر
قدناه إلى كل سوء كما تقاد الغنم بأذنها حيث نشاء فقد أخبره الشيطان أن الذي يغضب
يكون في يد الشيطان كالكرة في أيدي الصبيان، فينبغي للذي يغضب أن يصبر لكي لا يصير
أسير الشيطان ولا يحبط عمله. وذكر أن إبليس جاء إلى موسى صلوات اللَّه وسلامه عليه
فقال له أنت الذي اصطفاك اللَّه تعالى برسالته وكلمك تكليما، وإنما أنا خلق من خلق
اللَّه تعالى أردت أن أتوب إلى ربك فاسأله ليتوب عليّ، ففرح بذلك موسى عليه السلام
فدعا بماء فتوضأ وصلى ما شاء اللَّه تعالى، ثم قال يا رب إن إبليس خلق من خلقك
يسألك التوبة فتب عليه، فقيل له يا موسى إنه لا يتوب، فقال يا رب إنه يسألك التوبة
فأوحى اللَّه تعالى إني استجبت لك يا موسى فمره أن يسجد لقبر آدم فأتوب عليه، فرجع
موسى مسرورا فأخبره
بذلك، فغضب من ذلك واستكبر ثم قال: أنا لم أسجد له حيا أأسجد له ميتا، ثم قال يا
موسى إن لك حقا عليّ بما تشفعت لي إلى ربك فأوصيك بثلاثة أشياء: اذكرني عند ثلاث
خصال: اذكرني حين تغضب فإني في قلبك أجري منك مجرى الدم، واذكرني حين تلقى العدو في
الزحف، فإني آتي ابن آدم حين يلقى العدو فأذكره زوجته وأهله وماله وولده حتى يولي
دبره، وإياك أن تجالس امرأة ليست بذات محرم منك فإني رسولها إليك ورسولك إليها.
وذكر عن لقمان الحكيم أنه قال: يا بني ثلاث لا تعرف إلاّ في ثلاثة: لا يعرف الحليم
إلاّ عند الغضب، ولا يعرف الشجاع إلاّ عند الحرب، ولا يعرف الأخ إلاّ عند الحاجة.
وذكر أن رجلا من التابعين مدحه رجل في وجهه، فقال له يا عبد اللَّه لم تمدحني:
أجرّبتني عند الغضب فوجدتني حليما؟ قال لا، قال أجربتني في السفر فوجدتني حسن
الخلق؟ قال لا، قال
أجربتني عند الأمانة فوجدتني أمينا؟ قال لا، فقال ويحك ما لأحد أن يمدح أحدا ما لم
يجربه في هذه الأشياء الثلاثة. وقال: ثلاثة من أخلاق أهل الجنة ولا توجد إلاّ في
الكريم: العفو عمن ظلمك، والبذل لمن حرمك، والإحسان إلى من أساء إليك قال اللَّه
تعالى {خُذْ العَفْوَ وَأْمُرْ بِالعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ
الجَاهِلِينَ}.
وروى في الخبر أنه لما نزلت هذه الآية قال النبي صلى اللَّه عليه وسلم:
"ما تفسير هذه الآية؟ فقال له جبريل عليه الصلاة والسلام حتى أسأل العالم، فذهب
جبريل ثم أتاه فقال: يا محمد إن اللَّه تعالى يأمرك أن تصل من قطعك، وتعطي من حرمك،
وتعفو عمن ظلمك". وروى عن ابن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي اللَّه تعالى
عنه قال "سبّ رجل أبا بكر الصديق رضي اللَّه تعالى عنه ورسول اللَّه صلى اللَّه
عليه وسلم جالس فسكت النبي صلى اللَّه عليه وسلم وسكت أبو بكر، فلما سكت الرجل تكلم
أبو بكر فقام النبي صلى اللَّه عليه وسلم وأدركه أبو بكر فقال يا رسول اللَّه سبني
وسكت فلما تكلمت قمت؟ فقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم إن الملك كان يرد عليه عنك
حين سكت فلما تكلمت ذهب الملك وقعد الشيطان فكرهت أن أقعد في مقعد مع الشيطان ثم
قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ثلاث كلهن حق: ما من عبد يظلم بمظلمة فيعفو
عنها ابتغاء مرضاة اللَّه تعالى إلاّ زاده اللَّه بها عزا، وما من عبد فتح على نفسه
باب مسألة يريد بها كثرة إلاّ زاده اللَّه تعالى بها قلة، وما من عبد أعطى عطية
يبتغي بها وجه اللَّه تعالى إلاّ زاده اللَّه تعالى بها كثرة". قال: حدثنا أبي
بإسناده عن محمد بن كعب القرظي عن ابن عباس رضي اللَّه تعالى عنهما أن رسول اللَّه
صلى اللَّه عليه وسلم قال "لكل شيء شرف وإن أشرف المجالس ما استقبل به القبلة"
وإنما تجالسون بالأمانة، ولا تصلوا خلف النائم والمحدث، واقتلوا الحية والعقرب وإن
كنتم في صلاتكم، ولا تستروا الجدران بالثياب، ومن نظر في كتاب أخيه بغير إذنه
فكأنما ينظر في النار، ومن أحب أن يكون أقوى الناس فليتوكل على اللَّه تعالى، ومن
أحب أن يكون أكرم الناس فليتق اللَّه تعالى، ومن أحب أن يكون أغنى الناس فليكن بما
في يد اللَّه تعالى أوثق منه بما في يده، ثم قال: ألا أنبئكم بشراركم؟ قالوا بلى يا
رسول اللَّه قال: من أكل وحده،
ومنع رفده، وجلد عبده، ثم قال: ألا أنبئكم بشر من هذا؟ قالوا بلى يا
رسول الله، قال: من يبغض الناس ويبغضونه، ثم قال: ألا أنبئكم بشر من هذا؟ قالوا بلى
يا رسول الله، قال: من لا يقبل عثرة ولا يقبل معذرة ولا يغفر ذنبا، ثم قال: ألا
أنبئكم بشر من هذا؟ قالوا بلى يا رسول الله، قال: من لا يرجى خيره ولا يؤمن شره، ثم
قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: إن عيسى عليه السلام قام في بني إسرائيل
فقال يا بني إسرائيل لا تتكلموا بالحكمة عند الجهال فتظلموها ولا تمنعوها أهلها
فتظلموهم، وقد قال مرة فتظلموها، ولا تكافئوا ظالما بظلم فيبطل فضلكم عند ربكم، يا
بني إسرائيل
الأمور ثلاثة: أمر تبين رشده فاتبعوه، وأمر ظهر غيه فاجتنبوه، وأمر
اختلف فيه فردوه إلى اللَّه ورسوله. وقال بعض الحكماء: الزهد في الدنيا أربعة:
الأولى الثقة بالله تعالى فيما وعد من أمر الدنيا وأمر الآخرة. والثانية أن يكون
مدح الخلق وذمهم عنده واحداً. والثالثة الإخلاص في عمله. والرابعة أن يتجاوز عمن
ظلمه ولا يغضب على ما ملكت يمينه ويكون حليما صبورا وروى عن أبي الدرداء رضي اللَّه
تعالى عنه أن رجلا قال له علمني كلمات ينفعني اللَّه تعالى بهن؟ قال أبو الدرداء
أوصيك بكلمات من عمل بهن كان ثوابه على اللَّه عز وجل والدرجات العلى: لا تأكل إلاّ
طيبا، واسأل اللَّه تعالى رزق يوم بيوم، وعدّ نفسك من الموتى، وهب عرضك لله تعالى
فمن شتمك أو أذاك فقل وهبت عرضي لله تعالى، وإذا أسأت فاستغفر اللَّه
تعالى.
وروى عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال " لما كسرت رباعيته
في يوم أحد فشق ذلك على أصحابه مشقة شديدة فقالوا يا رسول اللَّه لو دعوت اللَّه
تعالى على هؤلاء الذين صنعوا بك ما ترى، فقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم إني لم
أبعث لعانا ولكني بعثت داعيا ورحمة اللهم أهد قومي فإنهم لا يعلمون" وقال رسول
اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم "من كف لسانه عن أعراض المسلمين أقال اللَّه تعالى
عثرته يوم القيامة، ومن كف غضبه أقال اللَّه تعالى غضبه عنه يوم القيامة" وروى عن
مجاهد رضي اللَّه تعالى عنه "أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم مرّ بقوم يربعون
حجرا: يعني يرفعون حجرا وينظرون أيهم أقوى، فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم
ما هذا؟ قالوا حجر الأشداء فقال ألا أخبركم بما هو أشد منه؟ قالوا بلى يا رسول
اللَّه قال: الذي يكون بينه وبين أخيه شحناء فيغلب شيطانه وشيطان صاحبه فيأتيه حتى
يكلمه" وفي رواية أخرى "أنه مرّ بقوم يرفعون الحجر فقال أتعرفون الشدة برفع الحجارة
ألا أنبئكم بأشد منكم؟ قالوا بلى يا رسول الله، قال الذي يمتلئ غضبا ثم يصبر" وذكر
عن يحيى بن معاذ أنه قال: من دعا على ظالمه فقد أحزن محمدا صلى اللَّه عليه وسلم في
الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وسرّ اللعين إبليس في الكفرة والشياطين، ومن عفا عن
ظالم فقد أحزن اللعين في الكفرة والشياطين وسرّ محمدا صلى اللَّه عليه وسلم في
الأنبياء والصالحين صلوات اللَّه وسلامه عليهم أجمعين. وروى عن رسول اللَّه صلى
اللَّه عليه وسلم أنه قال "ينادي مناد يوم القيامة أين الذين كانت أجورهم على
اللَّه عز وجل؟ فيقوم العافون عن الناس فيدخلون إلى الجنة، وسئل الأحنف بن قيس رحمه
اللَّه تعالى ما الإنسانية؟ قال التواضع في الدولة والعفو عند المقدرة والعطاء بغير
منة". وروى عن عطية عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "المؤمنون هينون
لينون كالجمل الأنف إن قيد انقاد وإن
أنيخ على صخرة استناخ".
(قال الفقيه) رضي اللَّه تعالى عنه: عليكم
بالصبر عن الغضب، وإياكم والعجلة عند الغضب، فإن في العجلة ثلاثة أشياء وفي الصبر
ثلاثة أشياء، فأما الثلاثة التي في العجلة فأحدها الندامة في نفسه، والثاني الملامة
عند الناس، والثالث العقوبة عند اللَّه تعالى. وفي الصبر ثلاثة أشياء: السرور في
نفسه، والمحمدة عند الناس، والثواب من اللَّه تعالى، فإن الحلم يكون مرّا في أوله
وحلوا في آخره كما قال القائل:
الحلم أوله مر مذاقته …لكن آخره أحلى من العسل
…والله أعلم
باب حفظ اللسان
(قال الفقيه) أبو الليث السمرقندي رضي اللَّه
تعالى عنه: حدثنا الفقيه أبو جعفر حدثنا أبو القاسم أحمد بن محمد حدثنا محمد بن
سلمة حدثنا عبد الأعلى حدثنا يعقوب بن عبد اللَّه القمي عن الليث عن مجاهد عن أبي
سعيد الخدري رضي اللَّه تعالى عنه قال "جاء رجل إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلم
فقال يا رسول اللَّه أوصني؟ قال عليك بتقوى اللَّه فإنها جماع كل خير، وعليك
بالجهاد فإنه رهبانية المسلمين" أو قال وعليك بذكر اللَّه تعالى وتلاوة القرآن فإنه
نور لك في الأرض وذكر لك في السماء، واخزن لسانك إلاّ من خير فإنك بذلك تغلب
الشيطان".
(قال الفقيه) رضي اللَّه تعالى عنه: معنى قوله عليه الصلاة والسلام
"عليك بتقوى اللَّه تعالى" فتقوى اللَّه أن يجتنب عما نهاه اللَّه عنه ويعمل بما
أمره اللَّه تعالى به فإذا فعل ذلك فقد جمع جميع الخير، وقوله عليه الصلاة والسلام
"واخزن لسانك" يعني احفظ لسانك إلاّ من خير "يعني قل خيرا حتى تغنم" واسكت حتى تسلم
فإن السلامة في السكوت، واعلم أن الإنسان لا يغلب الشيطان إلاّ بالسكوت، فينبغي
للمسلم أن يكون حافظا للسانه حتى يكون في حرز من الشيطان ويستر اللَّه عليه عورته.
قال: حدثنا حدثنا أبو الحسن أحمد بن حمدان حدثنا الحسين بن علي الطوسي حدثنا محمد
بن حسان حدثنا إسحق بن سليمان الرازي عن المغيرة بن مسلم عن هشام عن عمر رضي اللَّه
تعالى عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم "من لطم عبده كان كفارته
عتقه، ومن ملك لسانه ستر اللَّه عليه عورته، ومن كظم غيظه وقاه اللَّه تعالى عذابه،
ومن اعتذر إلى ربه قبل اللَّه معذرته" قال: حدثنا محمد بن الفضل حدثنا محمد بن جعفر
حدثنا إبراهيم بن يوسف حدثنا يزيد بن زريع عن يونس عن الحسن عن أبي هريرة رضي
اللَّه تعالى عنه أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال "من كان يؤمن بالله واليوم
الآخر فليكرم جاره وليكرم ضيفه وليقل خيرا أو ليسكت" قال: حدثنا محمد بن الفضل
حدثنا محمد بن جعفر حدثنا إبراهيم حدثنا يعلى قال: دخلنا على محمد بن سوقة
الزاهد فقال ألا
أحدثكم حديثا لعله ينفعكم فإنه قد نفعني؟ قال: قال لنا عطاء بن أبي رباح يا ابن أخي
إن من كان قبلكم كانوا يكرهون فضول الكلام وكانوا يعدون كل كلام فضولا ما عدا كتاب
اللَّه تعالى أن يقرأه أحد أو أمرا بالمعروف أو نهيا عن المنكر أو تنطق بحاجتك في
معيشتك التي لابد لك منها، ثم قال: أتنكرون قوله تعالى {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ
لَحَافِظِينَ. كِرَاماً كَاتِبِينَ} و{عَنْ اليَمِينِ وَعَنْ الشِّمَالِ قَعِيدٌ.
مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} أو ما يستحبي أحدكم أن
لو نشرت عليه صحيفته التي أملاها صدر نهاره وأكثر ما فيها ليس عن أمر دينه ولا
دنياه. قال: حدثنا أبي رحمه اللَّه تعالى بإسناده عن أنس بن مالك قال قال رسول
اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: "أربع لا تصير إلاّ في مؤمن: الصمت وهو أول العبادة،
والتواضع، وذكر اللَّه تعالى، وقلة الشر" وذكر عن عيسى ابن مريم عليه الصلاة
والسلام بهذا اللفظ. روى أبو هريرة رضي اللَّه تعالى عنه عن النبي صلى اللَّه عليه
وسلم أنه قال "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه" وذكر عن لقمان الحكيم أنه قيل
له ما بلغ بك ما نرى؟ قال: صدق الحديث، وأداء الأمانة، وتركي ما لا يعنيني. وروى عن
أبي بكر ابن عياش أنه قال: أربعة من الملوك تكلم كل واحد منهم بكلمة كأنها رمية
رميت من قوس واحدة: قال كسرى لا أندم على ما لم أقل وقد أندم على ما قلت، وقال ملك
الصين ما لم أتكلم بالكلمة فأنا أملكها فإن تكلمت بها ملكتني، وقال قيصر ملك الروم
أنا على ردّ ما لم أقل أقدر مني على ردّ ما قلت، وروى عن الربيع بن خيثم أنه كان
إذا أصبح وضع قرطاسا وقلما ولا يتكلم بشيء إلاّ كتبه وحفظه ثم يحاسب نفسه عند
المساء.
(قال الفقيه) رضي اللَّه تعالى عنه: هكذا كان عمل الزهاد إنهم كانوا
يتكلمون لحفظ اللسان ويحاسبون أنفسهم في الدنيا، وهكذا ينبغي للمسلم أن يحاسب نفسه
في الدنيا قبل أن يحاسب في الآخرة، لأن حساب الدنيا أيسر من حساب الآخرة، وحفظ
اللسان في الدنيا أيسر من ندامة الآخرة. وروى عن إبراهيم التيمي أنه قال: حدثني من
صحب الربيع بن خيثم عشرين سنة فما سمع منه كلمة يعاب بها، وقال موسى بن سعيد لما
أصيب الحسين بن عليّ رضي اللَّه تعالى عنهما: يعني قتل، فقال رجل من أصحاب الربيع
إن تكلم الربيع فاليوم يتكلم، فجاء حتى فتح الباب وأخبره بأن الحسين قد قتل فنظر
إلى السماء فقال: اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين
عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ولم يزد على ذلك شيئاً. قال حكيم من الحكماء، ست خصال
يعرف بهنّ الجاهل. أحدهما الغضب في غير شيء: يعني غضب على ابن آدم
وعلى الحيوان
وعلى كل شيء يستقبله منع مكروه فهذا من علامة الجهل، والثاني الكلام في غير نفع،
فينبغي للعاقل أن لا يتكلم بكلام لا فائدة له فيه، وينبغي له أن يتكلم بكل كلام فيه
منفعة في أمر دنياه وآخرته، والثالث العطية في غير موضع: يعني يدفع ماله إلى من لا
يكون له في ذلك أجر وهو علامة الجهل، والرابع إفشاء السر عند كل أحد، والخامس الثقة
بكل إنسان، والسادس أن لا يعرف صديقه من عدوّه: يعني أن الرجل ينبغي له أن يعرف
صديقه فيطيعه ويعرف عدوّه فيحذره، وأوّل الأعداء هو الشيطان فينبغي أن لا يطيعه
فيما يأمره. وعن عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام أنه قال: كل كلام ليس بذكر
اللَّه تعالى فهو لغو، وكل سكوت ليس بفكر فهو غفلة، وكل نظير ليس بعبرة فهو لهو،
فطوبى لمن كان كلامه ذكراً لله تعالى وسكوته تفكرا ونظرة وعبرة. وذكر عن الأوزاعي
أنه قال: المؤمن يقلّ الكلام ويكثر العمل، والمنافق يكثر الكلام ويقل
العمل.
وروى عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "خمس لا تكون في
المنافق: الفقه في الدين، والورع باللسان، والتبسم في الوجه، والنور في القلب،
والمودة في المسلمين" قال يحيى بن أكثم ما صلح منطق رجل إلاّ عرف ذلك في سائر عمله،
ولا فسد منطق رجل إلاّ عرف ذلك في سائر عمله. وذكر عن لقمان الحكيم أنه قال لابنه:
يا بني من يصحب صاحب السوء لم يسلم، ومن يدخل مدخل السوء يتهم، ومن لا يملك لسانه
يندم. وعن سنة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "طوبى لمن ملك لسانه،
ووسعه بيته، وبكى على خطيئة" قال: حدثنا أبي رحمه اللَّه تعالى بإسناده عن الحسن
البصري أنه قال: كانوا يقولون إن لسان الحكيم من وراء قلبه فإذا أراد أن يقول رجع
إلى قلبه فإن كان له قال وإن كان عليه أمسك، وإن الجاهل قلبه على طرف لسانه لا يرجع
إلى قلبه ما أتى على لسانه تكلم. قال حدثني أبي رحمه اللَّه بإسناده عن أبي ذر
الغفاري أنه قال "قلت يا رسول اللَّه ما كان في صحف إبراهيم؟ قال كان فيها أمثال
وعبر: ينبغي للعاقل ما لم يكن مغلوبا في عقله أن يكون حافظا للسانه عارفا بزمانه
مقبلا على شانه، فإنه من حسب كلامه من عمله قلّ كلامه إلاّ فيما يعنيه قال: حدثنا
الفقيه أبو جعفر بإسناده عن أبي اسحق الهمذاني عن الحرث عن عليّ بن أبي طالب رضي
اللَّه تعالى عنه قال: سمعت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يقول "ينبغي للعاقل
أن لا يكون شاخصا إلاّ في ثلاث: مرمة لمعاشه، أو خلوة لمعاده، أو لذة في غير محرم"
وقال "ينبغي للعاقل أن يكون له في النهار أربع ساعات: ساعة يناجي فيها ربه، وساعة
يحاسب فيها نفسه، وساعة يأتي فيها أهل العلم الذين يبصرونه بأمر دينه ودنياه
وينصحونه، وساعة يخلى بين نفسه ولذاتها فيما يحلّ ويجمل" وقال "ينبغي للعاقل أن
ينظر في شأنه: ويعرف أهل زمانه، ويحفظ فرجه ولسانه".
(قال الفقيه) رضي اللَّه
تعالى عنه: وذكر إن هذه الكلمات مكتوبة في حكمة آل داود عليه السلام. وروي عن أنس
بن مالك رضي اللَّه تعالى عنه إن لقمان الحكيم دخل على داود النبي صلى اللَّه عليه
وسلم وكان داود يسرد الدرع، فجعل يتعجب مما يرى فأراد أن يسأله عن ذلك فمنعته حكمته
فأمسك نفسه ولم يسأله، فلما فرغ قام داود عليه السلام فلبس الدرع ثم قال: نعم الدرع
للحرب ونعم عامله، فقال لقمان: الصمت حكمة وقليل فاعله.
قال القائل:
النطق
زين والسكوت سلامة فإذا نطقت فلا تكن مكثارا
ما إن ندمت على سكوتي مرة ولقد ندمت
على الكلام مرارا
وفي موضع: أنه كان يختلف إليه سنة ويريد أن يسأله فلما فرغ منه
لبسه، وقال ما أحسن هذا الدرع للحرب، فقال لقمان: الصمت حكمة وقليل فاعله، هذا من
كتاب التنبيه. وأما ما بعده من الأبيات فليست من الكتاب. قال بعضهم:
يموت الفتى
من عثرة بلسانه وليس يموت المرء من عثرة الرجل
ولآخر:
لا تنطقنّ بما كرهت
فربما نطق اللسان بحادث فيكون
ولحميد بن عباس:
لعمرك ما شيء علمت مكانه أحقّ
بسجن من لسان مذلل
على فيك مما ليس يعنيك شأنه بقفل وثيق حيث كنت فأقفل
فربّ
كلام قد جرى من ممازح فساق إليه سهم حتف معجل
والصمت خير من كلام ممازح فكن
صامتا تسلم وإن قلت فاعدل
ولاتك في جنب الأخلاء مفرطا وإن كنت أبغضت البغيض
فأجمل
فإنك لا تدري متى أنت مبغض حبيبك أو تهوى بغيضك فاعقل
(قال بعض
الحكماء) في الصمت سبعة آلاف خير، وقد اجتمع ذلك كله في سبع كلمات في كل كلمة منها
ألف: أولها أن الصمت عبادة من غير عناء، والثاني زينة من غير حليّ، والثالث هيبة من
غير سلطان، والرابع حصن من غير حائط، والخامس الاستغناء عن الاعتذار إلى أحد،
والسادس راحة الكرام الكاتبين، والسابع ستر لعيوبه. ويقال الصمت زين للعالم وستر
للجاهل.
(قال بعض الحكماء) إن جسد ابن آدم ثلاثة أجزاء: فجزء منها قلبه، والثاني
لسانه، والثالث الجوارح، وقد أكرم اللَّه تعالى كل جزء بكرامة: فأكرم القلب بمعرفته
وتوحيده: وأكرم اللسان بشهادة أن لا إله إلاّ اللَّه وتلاوة كتابه، وأكرم الجوارح
بالصلاة والصوم وسائر الطاعات، ووكل على كل جزء رقيبا وحفيظا: فتولى حفظ القلب
بنفسه فلا يعلم ما في ضمير
العبد إلاّ الله، ووكل على لسانه الحفظة قال اللَّه تعالى {مَا يَلْفِظُ مِنْ
قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} وسلط على الجوارج الأمر والنهي، ثم إنه
يريد من كل جزء وفاء: فوفاء القلب أن يثبت على الإيمان وأن لا يحسد ولا يخون ولا
يمكر، ووفاء اللسان أن لا يغتاب ولا يكذب ولا يكذب ولا يتكلم بما لا يعنيه، ووفاء
الجوارح أن لا يعصي اللَّه تعالى ولا يؤذي أحدا من المسلمين، فمن وقع من القلب فهو
منافق، ومن وقع من اللسان فهو كافر، ومن وقع من الجوارح فهو عاص. وعن الحسن قال:
نظر عمر بن الخطاب رضي اللَّه تعالى عنه إلى شاب فقال يا شاب: إن وقيت شر ثلاث فقد
وقيت شر الشباب: إن وقيت شر لقلقك يعني لسانك، وذبذبك يعني فرجك، وقبقبك يعني بطنك.
وذكر أن لقمان الحكيم كان عبدا حبشيا فأول ما ظهر من حكمته أنه قال له مولاه: يا
غلام اذبح لنا هذه الشاة وائتني بأطيب مضغتين منها، فجاء بالقلب واللسان، ثم قال
مرة أخرى: اذبح لنا هذه الشاة وائت بأخبث مضغتين منها، فأتاه باللسان والقلب، فسأله
عن ذلك فقال ليس في الجسد مضغتان أطيب منهما إذا طابا، ولا أخبث منهما إذا خبثا.
وروى عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال: "لما بعث معاذا إلى اليمن فقال
يا نبي اللَّه أوصني؟ فأشار إلى لسانه يعني عليك بحفظ اللسان، فكأنه تهاون به، فقال
يا نبي اللَّه أوصني؟ قال ثكلتك أمك، وهل يكب الناس في نار جهنم إلاّ حصائد
ألسنتهم" وقال الحسن البصري رحمه اللَّه تعالى: من كثر كلامه كثر سقطه، ومن
كثر
ماله كثر إثمه، ومن ساء خلقه عذب نفسه. وروى عن سفيان الثوري
أنه قال: لأن أرمي رجلاً بسهم أحب إليّ أن أرميه بلساني لأن رمي اللسان لا يخطئ
ورمي السهم قد يخطئ. وروي عن أبي سعيد الخدري رضي اللَّه تعالى عنه أنه قال: إذا
أصبح ابن آدم سألت الأعضاء كلها اللسان وقلن يا لسان ننشدك اللَّه أن تستقيم فإنه
إن استقمت استقمنا وإن اعوججت اعوججنا.. وروى عن أبي ذر الغفاري رضي اللَّه تعالى
عنه أنه قام عند الكعبة فقال: ألا من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا جندب بن
جنادة الغفاري "أبو ذر" هلموا إلى أخ ناصح شفيق عليكم فاجتمع الناس حوله فقال يا
أيها الناس: من أراد منكم سفرا من أسفار الدنيا لا يفعل ذلك إلاّ بزاد فكيف من يريد
سفر الآخرة بلا زاد؟، قالوا وما زادنا يا أبا ذر؟ قال صلاة ركعتين في سواد الليل
لوحشة القبور، وصوم في حرّ شديد ليوم النشور، وصدقة على المساكين لعلكم تنجون من
عذاب يوم عسير، وحج لعظائم الأمور، واجعلوا الدنيا مجلسين مجلسا في طلب الدنيا
ومجلسا في طلب الآخرة، والثالث يضر ولا ينفع، واجعلوا الكلام كلمتين: كلمة نافعة في
أمر دنياكم وكلمة باقية في أمر آخرتكم، الثالثة يضر ولا ينفع، واجعلوا المال
درهمين: درهماً أنفقه على عيالك ودرهماً قدمه لنفسك والثالث يضر ولا ينفع، ثم
قال أَوّه قتلتني هم يوم لا أدركه، قيل: وما ذاك: قال إن أملي قد جاوز أجلي
فقعدت عن عمل. وذكر عن عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام أنه قال: لا تكثروا الكلام
في غير ذكر اللَّه فتقسوا قلوبكم، والقلب القاسي بعيد من اللَّه ولكن لا
تعلمون.
(قال بعض الصحابة) إذا رأيت قساوة في قلبك ووهنا في بدنك وحرمانا في
رزقك فاعلم أنك قد تكلمت بما لا يعنيك، والله الموفق.